للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وعلم المعاني هو الكفيل بدراسةالجملة عندهمه، كما أن البيان يدرس الصورة تشبيهًا ومجازًا وكناية، وأما البديع فقد عدوه شيئًا ثانويًّا لا دخل له في صميم البلاغة لأنه قائم على دراسة طرق التحسين الذي يلحق بالكلام، كالسجع، والجناس، والمقابلة، وأسلوب الحكيم، والتقسيم وما إلى ذلك مما يعرف بالمحسنات اللفظية والمعنوية.

أما عن غاية البلاغة فليس المراد من الكلام وقفًا على تغذية الفكر وحده فهناك قوي نفسية أخرى تعني بالبلاغة بها لتغذيتها وتهذبها، من ذلك قوة الانفعال وقوة الإرادة. ولا نقول إن الأدب العربي قصر في ذلك، وإنما نقول إن الدراسة النظرية فيما انتهت إليه هي التي ضاقت عن العناية بهذه المواهب النفسية كما يتضح ذلك مما يلي:

وأما عن الوسيلة فلم تكن اللغة العربية محصورة في الصورة الجملة وحدها فهناك الحرف والكلمة والعبارة والأسلوب عامة، وهناك هذه الفنون الأدبية المختلفة شعرًا ونثرًا كالخطابة، والرسالة، والوصف، والجدل، وغيرها مما أهملته هذه الدراسة -أو العلوم البلاغية- في اللغة حسبما انتهى إليه وضعها الأخير.

لنفهم المطابقة لمقتضى الحال فهمًا عميقًا شاملًا يجب أن نقيمه -من حيث الغاية والوسيلة- على طبيعة النفس الإنسانية ومواهبها من ناحية، وعلى الأدب: أسلوبه وفنونه المختلفة من ناحية أخرى.

علم النفس ينفعنا هنا، ويعاون مع النقد الأدبي والبلاغة في تفسير مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وفي بيان موضوع دراسة البلاغة بيانًا مفصلًا منظمًا، فكيف نوضح ذلك.


١ المرجع السابق ٢.

<<  <   >  >>