قرون الوعول، وكأن دروعهم زبد السيول، على خيل تأكل الأرض بحوافرها، وتمد بالنقع سرادقها".
يقوم وضوح الفكرة ودقتها على لغة الكاتب، وكلماته المفردة التي يؤثرها لأنها أدل من سواها على ما يريد ونذكر هنا بعض القوانين التي تساعد في تحقيق الدقة وتحديد الأفكار.
١- اختيار الكلمات المعنية غير المشتركة بين معانٍ، والتي تدل على الفكرة كاملة: وذلك يدعو إلى ملاحظة هذه الفروق الدقيقة بين ما تسمى المترادفات حتى لا يصير المعنى ذاهب المعالم. من ذلك، العاطفة والانفعال، والسقم والمرض والهضبة والجبل، والسهو والغفلة، وقد وقع جرير فيما يسمى الاشتراك حتى ذهب الناس كل مذهب فيما يعني، وذلك في قوله:
لو كنت أعلم أن آخر عهدكم ... يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل
فماذا كان يفعل؟ أيبكي أم يهيم على وجهه، أم يمنعهم المسير، أم يدفع إليهم شيئًا يذكرونه به أم ماذا؟ ١. ومن يدري فلعل في هذه الإبهام بلاغة أرادها جرير ولم يفطن لها النقاد. وعندي أن المراد بهذا التراكيب هو مجرد التهويل دون إرادة شيء بعينه، فهو يريد بذل آخر جهده في التحفي بأحبتَّه، وليس بلازم أن يفهم التعبير فهمًا حرفيًا.
٢- يحسن بالأديب الاستعانة بالعناصر الشارحة، أو المقيدة، أو المخيلة، كالنعت، والمضاف إليه، والحال، والتمييز، والاستثناء. فذلك من عوامل إيضاح المعاني وتحديدها، كقولك: شوقي شاعرًا أحسن منه ناثرًا، وليلة نابغية، ونهر النيل من أطول أنهار الدنيا، وقول ابن الرومي: