الاستفهامية تخالف الإخبارية، وكذلك دراسة المادة لا تخلو من القول في التعبير، فالمادة لا تدرس على أنها شيء منفصل مستقل، وإنما يراعى أنسبها، وصلته باللغة التي تؤديه تقريرًا كانت أو حوارًا، ومن الناحية النقدية لا أستطيع وصف الكلام بالوضوح أو الجمال إلا إذا نظرت إلى معانيه فهي مقياس هذه الأوصاف كما يمر بك في الكلام على صفات الأسلوب. ومعنى هذا أن ناحيتي الدراسة البلاغية تلتقيان كما رأيت، وقد تفترقان افتراقًا جزئيًّا حين نتأخر إلى الوراء لننظر في مسألة الصحة وحدها، أي حين نبحث في صواب الفكرة في ذاتها، أو في سلامة التركيب نحويًّا لكن الدرس البلاغي لا يرى فصلهما بحال.
ومهما يكن من الأمر فإن الدراسة العلمية تبيح لنا أن نتناول كل جانب ونخصه بدراسة عالية فية، وبذلك ينحصر موضوع البلاغة في بابين أو كتابين: الأسلوب، والفنون الأدبية.
١- الأسلوب Style وفي هذا القسم من علم البلاغة ندرس القواعد التي إذا اتبعت كان التعبير بليغًا أي واضحًا مؤثرًا، فندرس الكلمة والصورة والجملة والفقرة والعبارة والأسلوب من حيث أنواعه وعناصره وصفاته ومقوماته وموسيقاه، وقد يجد الطالب في هذا الدرس شيئا من التفاصيل المحتاجة إلى أناة وصبر لكنها خطيرة النتائج في فن البيان.
وفي هذا القسم نضع البلاغة العربية، فعلم المعاني يدخل كله في بحث الجملة وعلم البيان وأغلب البديع يدخل في باب الصورة، وتبقى المباحث الأخرى مهملة في هذه الكتب التي انتهت إليها الدراسة البلاغية، نعم إنك واجد بلا شك في كتب الأقدمين كالصناعتين، ودلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة، والمثل السائر مباحث قيمة تتصل بالعبارة من الناحية الفنية العامة ولكنها غير مستوفاة ولا منظمة.