التاريخ أو أسلوبه العقلي فتقع في ثلاث مراحل: جمع الوثائق التاريخية، ونقدها لتعرف قيمتها، وصلاحيتها للتصديق، ثم تفسيرها تفسيرًا معتمدًا على طبيعتها وعلى الخيال المكمل، وعلى ما قد ينفع من أصول العلم الحديثة كعلم النفس، والاجتماع، والجغرافيا.
أما الأسلوب اللفظي، فيجب أن يكون واضحًا جميلًا، كما يذكر ذلك بعد، ومع هذا فنذكر هنا بعض الخواض الشديدة الاتصال بالكتابة التاريخية:
١- يجب على المؤرخ أن يحرص على استعمال المصطلحات التاريخية في مواضعها، فإنها تحدد المعاني والعصور، وتصل بين الكاتب وسواه وتريحه من عناء التفصيل والتكرار ما دامت هذه المصلطحات ألفاظا مقررة تشبه الحدود وعلامات الطريق، مثل الجاهلية والعصر العباسي، وعصر النهضة والقرون الوسطى والميلاد والهجرة وعصر الأهرام.
٢- يجب أن يكون واضحا في منهجه وآرائه وعباراته فلا تكرار ولا صنعة؛ إذ إن النثر العلمي يرفض التكرار، ويمقت التكلف لما في ذلك من الغموض، وضياع المعنى، وتنفير القراء الذين ينتظرون الحقائق التاريخية منطقية واضحة.
٣- ليحذر المؤرخ أن يتخذ التاريخ معرضًا للخطب والمواعظ؛ لأن التاريخ كالرواية تؤخذ العظة منه بطريق غير مباشر. على أن ذلك يعد نقلا للتاريخ من دائرة النثر العلمي إلى مجال النثر الأدبي الخالص وذلك خلط واضطراب لا يليق بالكاتب البليغ.
٤- ولما كان التاريخ بعث الماضي من ناحية، ونقدًا فلسفيًّا من ناحية أخرى، كان أسلوبه وسطا بين العلمي الدقيق والأدبي الرقيق، لا يسلم من مظاهر القصص أو الروايات حتى لا يجف ويثقل، ولا يخلو من النقد والتقرير ليؤدي مهمته الرئيسية. لذلك يقصر فيه الوصف والحوار والاقتباس وإن ظهرت آثار العاطفة والخيال في عبارته الجامعة بين الوضوح والجمال.
ومن أمثلة الكتب التاريخية: في الأدب الجاهلي لطه حسين، وفجر الإسلام، وضحاه لأحمد أمين، وتاريخ الأمم الإسلامية للخضري.