للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خلاف أنه لا يجوز أن يقال "ما أَكْرَمِي" بحذف النون كما يقال "ما أكرمني" كما يقال "قَدْنِي، وقَدِى" فلما لم يجز ذلك بَانَ الفرقُ بينهما.

ومنهم من تمسّك بأن قال: الدليل على أن أفعل في التعجب فعلٌ أنه ينصب المعارف والنكرات، وأَفْعَلُ إذا كان اسمًا لا ينصب إلا النكرات خاصة على التمييز، نحو قولك "زيد أَكْبَرُ منك سنًّا، وأكثر منك علمًا" ولو قلت "زيد أكبر منك السنّ، أو أكثر منك العلم" لم يجز، ولما جاز أن يقال "ما أكبر السن له، وما أكثر العلم له" دلّ على أنه فعل.

اعترضوا على هذا بأن قالوا: قد ادّعيتم أن أفعل إذا كان اسمًا لا ينصب إلا


= لحميد بن ثور الهلالي، وقال ابن منظور "ل ح د" بعد أن رواهما عن الجوهري: "قال ابن بري: البيت المذكور لحميد بن ثور هو لحميد الأرقط، ولس هو لحميد بن ثور كما زعم الجوهري" ا. هـ. ورواهما ابن منظور "خ ب ب - ق د د" منسوبين لحميد الأرقط، وأنشدهما ابن يعيش في شرح المفصل "ص٤٤٢" ونسبهما لأبي بحدلة، وهما من شواهد سيبويه "١/ ٣٨٧" وشواهد رضي الدين في شرح الكافية، والأشموني "رقم ٦٢" وقد قال البغدادي في خزانة الأدب "٢/ ٤٥٣": "قال ابن المستوفي: ولم أرَ البيت الأول في ديوانه "يريد ديوان حميد الأرقط" وكذلك أورد الأبيات القالي في أماليه، ولم يورد بيت:
قدني من نصر الخبيبين قدي
ا. هـ. المقصود من كلام البغدادي، وقد: تأتي اسمًا بمعنى حسب، وتأتي اسم فعل بمعنى يكفي، مثل قط في الوجهين، و "الخبيبين" يروى بصورة المثنى وبصورة جمع المذكر السالم، فأما روايته بصورة المثنى فقيل: عنى عبد الله بن الزبير بن العوام الذي كان قد خرج على دولة مروان بن الحكم وتملك الحجازيين وابنه خبيب بن عبد الله بن الزبير، وقيل: عنى عبد الله وأخاه مصعب بن الزبير، وأما روايته بصورة جمع المذكر السالم فالمعنى به عبد الله وشيعته كلهم، وقوله:
ليس الإمام بالشحيح الملحد
يروى في مكانه:
ليس أميري بالشحيح الملحد
والشحيح: البخيل، وكان عبد الله بن الزبير متهمًا بالبخل، والملحد: مأخوذ من قولهم: "ألحد فلان في الحرم" إذا استحل حرمته وانتهكها. والاستشهاد بالبيت في قوله "قدني"، وقوله: "قدي" فقد وصل الشاعر "قد" بنون الوقاية في المرة الأولى عندما أضاف الكلمة إلى ياء المتكلم، ولم يأتِ بهذه النون في المرة الثانية، وهذا يدل على أن الوجهين جائزان في هذه الكلمة، أما اقترانها بالنون فلقصد المحافظة على ما بنيت عليه الكلمة وهو السكون، وأما حذف النون فلكون الكلمة اسمًا، وفي هذا الكلام مقال لنا ذكرناه في شرحنا المطول على شرح أبي الحسن الأشموني "١/ ١١٢ وما بعدها" فأرجع إليه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>