[٨٥] لم أعثر على نسبة هذا البيت إلى قائل معين، وقوله "أغتدي" معناه أخرج في وقت الغداة، والغداة -بفتح الغين- ما بين انبثاق الفجر وطلوع الشمس، ويقال "غديه" بوزن قضية، و "غدوة" بضم فسكون، وربما قيل "غديه" بضم الغين وفتح الدال، وهو تصغير الغدوة أو الغداة، ومراد الشاعر أنه يخرج من داره مبكرًا، وقوله "وما صقع الديك" معناه صاح، وهذا تأكيد لما استفيد منمعنًى "أغتدي" وقوله "على أدهم" أراد على فرس أدهم، وهو الذي لونه الدهمة، والدهمة -بضم الدال وسكون الهاء- لون قريب من الأسود، و "أجش" الغليظ الصوت من الإنسان والخيل، وقال النجاشي: ونجى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجش هزيم، والرماح دواني ومحل الاستشهاد بالبيت قول "أجش الصهيلا" حيث نصب الصهيل بقوله أجش، وأجش هذا صفة مشبهة، ومعمولها مقترن بالألف واللام، وبه استدل الكوفيون على أنه يجوز أن ينتصب بعد "أفعل" كل من المعرفة والنكرة، وقد سوى المؤلف في التمثيل والاستشهاد بين أفعل الذي هو اسم تفضيل وأفعل الذي هو صفة مشبهة؛ فهو يمثل أولًا بقوله "زيد أكبر منك سنا، وأكثر منك علما" ثم يستشهد بأجب الظهر، والشعر الرقابا، وأجش الصهيلا، ثم يلزم الكوفيين الحجة بأن المنصوب في هذه الشواهد منصوب على التشبيه بالمفعول به، لا على التمييز، وكأنه ينكر أن يكون التمييز مقترنًا بأل، وقد ورد التمييز مقترنًا بأل من غير أن يكون العامل أفعل التفضيل ولا أفعل الصفة المشبهة، وذلك في قول الشاعر: رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ... صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو ولكن البصريين لم يرقهم أن يجيء هذا البيت ونحوه على غير ما أصلوا من القواعد، فذهبوا إلى أن "ال" في "طب النفس" زائدة، وليست معرفة؛ فيكون على ما ذهبوا إ ليه مدخول أل نكرة كالمجرد منها، وهذا هو المسلك الذي سلكوه في هذه الشواهد.