للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعمل عَمَلَه، ويكون له مرفوع ومنصوب كالفعل، تقول: زيدٌ ضارب أبوه عمرًا، كما تقول: يضرب أبوه عمرًا.

والذي يدل على فساد ما ادَّعيتموه من ضعف عملها أنها تعمل في الاسم إذا فصلت بينها وبينه بظرف أو حرف جر، نحو قوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: ١١٢] و {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} [البقرة: ١٤٨] وما أشبه ذلك، على أنا قد عملنا بمتقضى كونها فرعًا، فإنا ألزمناها طريقة واحدة، وأوجبنا فيها تقديم المنصوب على المرفوع، ولم نُجَوِّز فيها لوجهين كما جوزنا مع الفعل؛ لئلا يجري مجرى الفعل فيُسَوَّى بين الأصل والفرع، وكان تقديم المنصوب أولى ليفرق بينها وبين الفعل؛ لأن الأصل أن يذكر الفاعل عقيب الفعل قبل ذكر المفعول، فلما قدم ههنا المنصوب وأخر المرفوع حصلت مخالفة هذه الأحرف للفعل وانحطاطها عن رتبته.

وقولهم "إن الخبر يكون باقيًا على رفعه قبل دخولها" فاسد، وذلك لأن الخبر على قولهم مرفوع بالمبتدأ، كما أن المبتدأ مرفوع به؛ فهما يترافعان، ولا خلاف الترافع قد زال بدخول هذه الأحرف على المبتدأ ونصبها إياه؛ فلو قلنا "إنه مرفوع بما كان يرتفع به قبل دخولها مع زواله" لكان ذلك يؤدي إلى أن يرتفع الخبر بغير عامل، وذلك محال.

وأما قولهم "الدليل على ضعف عملها أنه يدخل على الخبر ما يدخل على الفعل أو ابتدئ به كقول الشاعر:

[١٠٥]

إني إذن أهلك أو أطيرا

قلنا: الجواب عن هذا من ثلاثة أوجه؛ أحدها: أن هذا شاذ؛ فلا يكون فيه حجة، والثاني: أن الخبر ههنا محذوف، كأنه قال: لا تتركني فيهم غريبًا بعيدًا، إني أذلُّ إذن أهلك أو أطيرا، وحذف الفعل الذي هو الخبر؛ لأن في الثاني دلالة على الأول المحذوف، فإذن ما دخلت على الخبر، والثالث: أن يكون جعل ٨٤ "إذن أهلك أو أطيرا" في موضوع الخبر، كقولك "إنِّي لن أذهب" فشبَّه إذن بلن، وإن كانت لن لا يلغى في حال بخلاف إذن.

وأما قولهم "إن بك يكفل زيد" وإن بك زيد مأخوذ" فالتقدير فيه: إنه بك يكفل زيد، وإنه بك زيد مأخوذ، كما قال الراعي:

[١٠٦]

فلو أن حُقَّ اليوم منكم إقامةٌ ... وإنَّ كان سَرْحٌ قد مضى فَتَسَرَّعَا


[١٠٦] هذا البيت للراعي كما قال المؤلف، وقد أنشده سيبويه "١/ ٤٣٩" وكذلك أنشده ابن منظور "س ر ح" وأنشده البغدادي في الخزانة "٤/ ٣٨١" نقلًا عن ابن عصفور في كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>