للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مُصْعِدٍ في المُصْعِدِينَ لِمَنْعِجٍ ... ولا هَابِطٍ ما عِشْتُ هَضْبَ شَطِيبِ


= وربما عكسوا ذلك فجاءوا بخبر ليس مقترنا بالباء الزائدة فجروا لفظه، ثم عطفوا عليه اسمًا منصوبًا، ومن شواهد ذلك قول عدي بن خزاعي، وقد أنشده في اللسان "ن ر ب" وهو الشاهد رقم ٢٠٧ الآتي في المسألة ٤٥:
ولست بذي نيرب في الكلام ... ومناع قومي وسبابها
ولا من إذا كان في معشر ... أضاع العشيرة واغتابها
عطف قوله "ومناع قومي" بالنصب على قوله "بذي نيرب" المجرور بالباء الزائدة ومثله قول عقيبة الأسدي، وأنشده سيبويه "١/ ٣٤" وهو الشاهد ٢٠٨ الآتي:
معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
أديروها بني حرب عليكم ... ولا ترموا بها الغرض البعيدا
ووجه ذلك أن الباء الداخلة على خبر ليس زائدة، تجر لفظ الخبر ليس غير، ويبقى محلّه نصبًا كما يكون لو لم تدخل عليه الباء، وليس لهذه الباء متعلق، فإذا عطفت على هذا الخبر جاز لك من غير ضرورة أن تعطف عليه بالنصب نظرًا إلى محلّه، وجاز لك أن تعطف عليه بالجر نظرا إلى لفظه، ولذلك نظائر كثيرة: منها الوصف المضاف إلى معموله، كاسم الفاعل والمصدر مثلًا إذا أضيف إلى مفعوله وفاعله فإن المعمول يكون مجرورًا لفظًا بإضافة اسم الفاعل إليه، فإذا عطفت عليه جاز لك أن تجيء بالمعطوف مجرورا نظرًا إلى لفظ المعطوف عليه، وجاز لك أن تجيء بالمعطوف منصوبًا إن كان المعطوف عليه مفعولًا ومرفوعًا إن كان المعطوف عليه فاعلًا، ومن ذلك قول زياد العنبري، وقد نسبوه في كتاب سيبويه "١/ ٩٨" إلى رؤبة بن العجاج:
قد كنت داينت بها حسانًا ... مخافة الإفلاس والليانا
فقد عطف "الليان" بالنصب على "الإفلاس" المجرور لكون هذا المجرور مفعولًا به للمصدر، ومثل ذلك قول لبيد بن ربيعة العامري، وهو الشاهد رقم ١٤٦ الآتي:
حتى تهجر في الرواح وهاجها ... طلب المعقب حقه المظلوم
فقد وصف بالمظلوم المرفوع قوله "المعقب" المجرور بإضافة المصدر الذي هو "طلب" إليه، لكون هذا المضاف مصدرًا والمضاف إليه فاعلًا لذلك المصدر، ونظير ذلك قول الأعشى ميمون:
الواهب المائة الهجان وعبدها ... عوذا تزجي بينها أولادها
عطف "عبدها" بالنصب على "المائة" المجرور بإضافة اسم الفاعل الذي هو "الواهب" إليه" ومثله قول الشاعر وأنشده سيبويه "١/ ٨٧":
هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عمرو بن مخراق
ومثله قول رجل من قيس عيلان، وأنشده سيبويه أيضًا "١/ ٨٧":
فبينا نحن نطلبه أتانا ... معلق وفضة وزناد راع
عطف قول "زناد راعٍ" بالنصب على قوله "وفضة" المجرور بإضافة "معلق" إليه، لكون المعطوف عليه مفعولًا به لاسم الفاعل الذي هو معلق، وفي هذا القدر كفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>