في أي يومي من الموت أفر ... في يوم لم يقدر أم يوم قدر فقد أراد أن يقول: في يوم لم يقدرن -بتوكيد الفعل المضارع المبني للمجهول المنفي بلم- لكنه حذف نون التوكيد الخفيفة وهو يريدها، ولولا ذلك لسكن "يقدر" لكونه مسبوقًا بلم. وفي هذا القدر كفاية. [١٣٨] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ٣٨٨" ونسبه إلى رؤبة، وكذلك نسبه الأعلم الشنتمري، ولكنه لا يوجد في ديوانه. وهو من شواهد شرح المفصل "ص١١٤٢" والأشموني "رقم ٢٥٢" ومغني اللبيب "رقم ٢٤٨" وشرح رضي الدين على الكافية في باب الضمير، وشرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٤٤١" وابن جني في الخصائص "٢/ ٩٦" والاستشهاد به ههنا في قوله "علك" حيث أسقط اللام الأولى من لعل، على نحو ما ذكرناه في شرح الشواهد السابقة، والنحاة يستشهدون من هذا البيت أيضًا بقوله "عساكا" ولهم في ذلك ثلاثة آراء: أولهما: مذهب أبي العباس الْمُبَرِّد وأبي عليّ الفارسي، وتلخيصه أن "عسى" ههنا هي عسى الدالة على رجاء الخبر الرافعة للاسم الناصبة لخبر، وهي فعل ماضٍ، والضمير المتصل بها باقٍ على أصله من كونه ضمير نصب، لكن هذا الضمير هو خبر عسى فهو مبنيّ على الفتح في محلّ نصب، واسمها محذوف أو هو ما يذكر بعد الضمير في بعض التراكيب نحو قولك "عساك أن تزورنا" فالاسم هو الصدر المنسبك من أن المصدرية ومدخولها. والمذهب الثاني: مذهب يونس بن حبيب وأبي الحسن الأخفش، وتلخيصه أن الضمير المتصل بعسى هو اسمها، وهي عاملة الرفع والنصب، وهذا الضمير في هذا الموضع ضمير رفع لا ضمير نصب، والمذهب الثالث: مذهب شيخ النحاة سيبويه ومن تابعه، وتلخيصه أن عسى في هذا البيت ونحوه ليست هي عسى التي ترفع الاسم وتنصب الخبر، بل هي ههنا حرف ترج ونصب مثل لعل، والضمير المتصل بها في محلّ نصب اسمها، وخبرها محذوف، أي عساك تبقى، مثلًا. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في شرحنا على الأشموني. [١٣٩] قد نسب المؤلف هذا البيت لأم النحيف، وتربص: ارتقب وانتظر، والجاحم: الشديد الاشتعال، يقولون: جمر جاحم، ونار جاحمة، ومتسعر: ملتهب متوقد. والاستشهاد من هذا البيت في هذا الموضع بقوله "عل صروفها" حيث أسقط اللام الأولى من لعل، على نحو ما ذكرناه في شرح الشواهد السابقة. ونظير هذه الشواهد التي أثرها المؤلف ما أنشده موفق الدين بن يعيش "١١٤٢": عل الهوى من بعيد أن يقربه ... أم النجوم ومن القوم بالعيس وما أنشده ابن منظور ونسبه لمجنون بني عامر: يقول أناس: علّ مجنون عامر ... يروم سلوا، قلت: إني لما بيا