الأول: النصب على الاستثناء، والثاني: الإتباع على البدلية، فلما قدمه على المستثنى لزمه -في لغة عامة العرب- النصب على الاستثناء، ولم يجز فيه الإتباع على البدلية؛ لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه لأنه تابع ورتبة التابع تكون بعد رتبة المتبوع ألا ترى أنهم إذا قدموا صفة النكرة عليها نحو قولك: فيها قائما رجل، وقول كثير: لعزة موحشًا طلل ... يلوح كأنه خلل وجب نصب الصفة على الحال، ولم يجز إتباعها للموصوف على أن تكون نعتًا كما كانت وهي متأخرة؟ وقد جاء على الإتباع قول حسان بن ثابت: لأنهم يرجون منه شفاعة ... إذا لم يكن إلا النبيون شافع فقد قدم المستثنى وهو قوله النبيون على المستثنى منه -وهو قوله شافع- ومع ذلك لم ينصبه على الاستثناء كما ينصبه عامة العرب، ويمكن أن يكون هذا البيت ردًّا على قول الكوفيين "إن المستثنى يضارع البدل، والبدل لا يتقدم" فيقال لهم: لا نسلم أنه يضارع البدل وأن البدل لا يتقدم؛ فإن من العرب من يقدمه ويبقيه على الإتباع، فتفطن لذلك. [١٦٤] هذا البيت من كلام كعب بن مالك، الأنصاري، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٣٨١" وابن يعيش "ص٢٦٣" وألب: أي مجتمعون متألبون قد تضافروا على خصومتنا وإرادة النيل منا، والوزر -بفتح الواو والزاي معًا- الحصن والملجأ، وأصل معناه الجبل. يقول هذا البيت للنبي صلوات الله وأزكى تسليماته عليه. والاستشهاد به في قوله "إلا السيوف" حيث قدم هذا المستثنى على المستثنى منه وهو قوله "وزر" وأصل الكلام: ليس لنا وزر وملجأ نلجأ إليه إلا السيوف وأطراف القنا، ولو أنه جاء بالكلام على أصله لكان له أن ينصب المستثنى على الاستثناء وأن يتبعه بالرفع على البدلية، لكنه لما قدم المستثنى وجب فيه -عند عامة العرب- أن ينصبه؛ لما ذكرنا من العلة في شرح الشاهد السابق، وهذا وضاح إن شاء الله تعالى.