للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني جَرْوَ كلب، ويقال: إن بني أسد كانت تأكله، فتعير ذلك.

وزيادة الكاف كثيرة، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] وحكي عن بعض العرب أنه قيل له: كيف تصنعون الأقِطَ؟ قال: كَهيَّنٍ، وقال الراجز:

[١٨٤]

لَوَاحِقُ الأقراب فيها كالمَقَقْ


= الجر عليها كما عرفت في شرح الشاهد رقم ١٣١، ثم لم يكتفِ بحذف الألف حتى سكن الميم بعد أن كانت مفتوحة، و "لمه" مؤلفة كسابقتها من لام الجر مكسورة و "ما" الاستفهامية، وهذه الهاء يجوز أن تكون هاء السكت اجتلبها الراجز ليقف على "ما" الاستفهامية بعد حذف ألفها لكونها مجرورة بحرف الجر، ويجوز أن يكون قلب ألف "ما" هاء حين أراد الوقف، كما فعل راجز آخر في قوله. وأنشده ابن يعيش "٤٥٤ و١٢٨٢":
قد وردت من أمكنه ... من ههنا ومن هنه
إن لم أروها فمه
ألا ترى أنه قلب ألف "هنا" هاء، وقلب ألف "ما" في قوله "فمه" هاء، وأصل الكلام: إن لم أروها فما يكون؟ وأنت ترى أن الراجز الذي استشهد به المؤلف قد حذف ألف "ما" الاستفهامية وسكن الميم مرة، وقلب ألفها هاء، مرة أخرى، وهذا نوع من التصرف في الاسم الذي يشبه الحرف، وهو ما يريد المؤلف أن يقرره، فافهم ذلك والله يرشدك.
[١٨٤] هذا البيت من الرجز المشطور، وهو من أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج، والبيت من أبيات منها وصف فيها حمار وحش وأتنه التي شبه ناقته بها في الجلادة وسرعة العدو، وليس في وصف الخيل كما زعم العيني، وقبل البيت قوله:
قب من التعداء حقب في سوق
وهو من شواهد الأشموني "رقم ٥٦٠" وابن عقيل "رقم ٢١٠" ورضي الدين في شرح الكافية في باب حروف الجر، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٢٦٦" وابن منظور "م ن ل"والقب: جمع أقب أو قباء، وهو وصف من القبب -بالتحريك- وهو دقة الخصر، يريد أنهن ضامرات البطون، والتعداء: أحد مصادر "عدا يعدو" أي أسرع السير، والحقب: جمع أحقب أو حقباء، والسوق -بفتح السين والواو- جميعًا طول الساق أو غلظها أو حسنها، واللواحق: جمع لاحقة، وهي الهزيلة الضامرة، وفعله من باب فرح، والأقراب: جمع قرب -كقفل أو عنق- وهو البطن، والمقق -بالتحريك- الطول، ويقال: هو الطول الفاحش في دقة. والاستشهاد بالبيت في قوله "كالمقق" فإن الكاف في هذه الكلمة حرف جر زائد لا يدل على معنى التشبيه، وهذ تخريج جماعة من النحاة منهم أبو علي الفارسي وابن جني وابن السَّرَّاج والرضي، وحمل أبو علي على زيادة الكاف قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} فزعم أن تقدير الكلام: أرأيت الذي حاج إبراهيم في ربه، أو الذي مر على قرية، وهذا يدل على أنه لا يرى زيادة الكاف قاصرة على الضرورة الشعرية، فتنبه لهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>