للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: المَقَقُ، وهو الطُّولُ..

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنها مفردة لأن الأصل هو الإفراد، وإنما التركيب فرع، ومَنْ تمسك بالأصل خرج عن عُهْدَة المطالبة بالدليل، ومَنْ عَدَلَ عن الأصل افتقر إلى إقامة الدليل؛ لعدوله عن الأصل، واستصحابُ الحال أحد الأدلة المعتبرة.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن الأصل في كم ما زيدت عليها الكاف" قلنا: لا نسلم؛ فإن هذا مجرد دعوى من غير دليل ولا معنى.

قولهم "إن العرب قد تصل الحرف في أوله نحو هذا" فقد قدمنا الجواب عنه فيما سبق.

وأما قولهم "كان الأصل أن يقال في كم مالك: كما مالك، إلا أنه لما كثر في كلامهم وجرى على ألسنتهم حذفت الألف لكثرة الاستعمال وسكنت الميم كما فعلوا ذلك في لِمَ" قلنا: لا نسلم أنه يجوز إسكان الميم في "لم" في اختيار الكلام، وإنما يجوز ذلك في الضرورة؛ فلا يكون فيه حجة، قال الشاعر:

[١٣١]

يا أبا الأسود لِمْ أسلمتني

وكما قال الأخر:

[١٨٣]

يا أسديُّ لم أكلته لِمَهْ

فسكن "لم" للضرورة، تشبيهًا لها بما يجيء من الحروف على حرفين الثاني منهما ساكن؛ فلا يكون فيه حجة. ثم لو كان الأمر كما زعمتم وأن كم كلِمَ لوجب أن يجوز فيها الأصل كما يجوز الأصل في لم فيقال: كَمَا مَالُكَ، كما يقال: لِمَا فعلت، وأن يجوز فيها الفتح مع حَذْفِ الألف كما يجوز في لِمَ فيقال: كَمَ مَالُكَ، كما يجوز لِمَ فعلت، وأن يجوز فيها هاء الوقف فيقال: كَمَهْ، كما يجوز في لِمَ هاء الوقف يقال: لِمَهْ؛ فلما لم يجز ذلك دلَّ على الفرق بينهما.

وأما قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فلا نسلم أن الكاف فيه زائدة؛ لأن "مثله" ههنا بمعنى هو، فكأنه قال ليس [كـ] هو شيء، والمِثلُ يطلق في كلام العرب ويُرَاد به ذات الشيء، يقول الرجل منهم: مِثْلِي لا يفعل هذا، أي: أنا لا أفعل هذا، ومثلي لا يقبل من مثلك، أي: أنا لا أقبل منك، قال الشاعر:

[١٨٥]

يا عاذِلي دَعْنِي من عَذْلِكَا ... مثلى لا يَقْبَلُ من مثلكا


[١٨٥] العاذل: الذي يلوم في تسخط وكراهية لما يلومك فيه، ودعني: اتركني وقوله "مثلي لا يقبل من مثلك" أصل معناه: من كان متصفًا بصفاتي فإنه لا يقبل ممن كان متصفًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>