والاستشهاد به هنا في قوله "أيمن" فإنه جمع بمين -وهي اليد- فيدل ذلك على أن همزة "أيمن" همزة قطع في الأصل، ولكنها صيرت همزة وصل تخفيفًا لكثرة الاستعمال. [٢٦٣] هذا بيت من الرجز المشطور، وهو من كلام أبي النجم الفضل بن قدامة العجلي، وقد أنشده ابن منظور "ي م ن" وسيبويه "٢/ ٤٧ و١٩٥" وابن يعيش في شرح المفصل "ص١٢٩١" ويروى: يبري لها من أيمن وأشمل وبرى يبري -مثل رمى يرمي- أي تعرض، والأيمن: جمع يمين، وأراد جهة اليمين، والأشمل: جمع شمال، وأراد جهة الشمال. قال ابن منظور في تفسير بيت الشاهد: "يقول: يعرض لها من ناحية اليمين وناحية الشمال، وذهب إلى معنى أيمن الإبل وأشملها، فجمع لذلك" ا. هـ. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "أيمن" فإن أيمنا هنا جمع يمين، ويريد الكوفيون بالاستشهاد بهذه الأبيات الثلاثة أن المعهود في لفظ أيمن أن يكون جمع يمين، سواء أكان بمعنى الحلف والقسم كما في البيت الأول من هذه الأبيات وهو بيت زهير "رقم ٢٦١" أم كان بمعنى اليد اليمنى كما في البيتين الثاني والثالث وهما بيت الأزرق وبيت أبي النجم "رقم ٢٦٢ و ٢٦٣" ولم يعرف أيمن مفردًا، بل لم يعرف مفرد آخر على وزن أفعل -بضم العين- وهمزة أفعل الجمع همزة قطع كأكلب وأقوس وأرهط وأفلس وما أشبه ذلك، وإنما صيرت الهمزة في أيمن المراد به الحلف همزة وصل لكثرة الاستعمال، ولهذا تجدها مفتوحة على ما كانت عليه وهي همزة قطع، وعلي خلاف المعهود في همزة الوصل من أنها مكسورة. قال ابن يعيش: "وذهب الكوفيون إلى أن همزته همزة قطع، وأنه جمع لا مفرد، وهو جمع يمين، كما قال العجلي: يبري لها من أيمن وأشمل وسقطت همزته في الوصل لكثرة الاستعمال" ا. هـ، وسيأتي في شرح الشاهد الآتي بيان حجة البصريين.