للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد "بل وقال تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} [الإنسان: ٢٤] أي: وكفورًا، ثم قال النابغة:

[٣٠٢]

قالت: ألا لَيْتَمَا هذَا الحَمَامُ لَنَا ... إِلَى حَمَامَتِنَا، أو نِصْفُهُ فَقَدِ


= مطلقًا، احتجاجًا بقول جرير:
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدتهم إلا بعداد
كانوا ثمانين، أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي
وقراءة أبي السمال "أَوْ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ" بسكون واو أو" ا. هـ كلامه وقال البغدادي في شرح شواهده: "على أن أو فيه بمعنى بل للإضراب الانتقالي، وقيل: للشك، كأن كثرتهم أوجبت الشك في عدتهم، ومن ثم احتجاج في عدتهم إلى عداد، وقال الكوفيون: أو هنا بمعنى الواو" ا. هـ كلامه. والحاصل أن الكوفيين يخرجون هذا البيت بأحد تخريجين: الأول: أن أو بمعنى واو العطف التي لمطلق الجمع، والمعنى عليه: كانوا ثمانين وزادوا ثمانية، والثاني: أن أو بمعنى بل للإضراب الانتقالي، والمعنى عليه: كانوا ثمانين بل زادوا على الثمانين ثمانية، وقد ذكر هذا شراح الألفية منهم ابن عقيل "١/ ١٨١" والأشموني "برقم ٨٤٧" والبصريون يخرجونه على أن أو فيه للشك، وسيذكر المؤلف هذا التخريج قريبا.
[٣٠٢] هذا البيت من قصيدة النابغة الذبياني المعلقة التي منها الشاهدان "١٠١ و١٥٩" وهو من شواهد سيبويه "١/ ٢٨٢" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٩٣" وأنشده فيه ثلاث مرات "ص٦٣ و٢٨٦ و٣٠٨ بتحقيقنا"، وفي أوضح المسالك "رقم ١٣٨" وفي شذور الذهب "رقم ١٣٨" والأشموني "رقم ٢٧١" ورضي الدين في باب الحروف المشبهة بالفعل، وشرحه البغدادي في الخزانة "٤/ ٢٩٧" كما شرحه العيني "٢/ ٢٥٤ بهامش الخزانة" ومحل الاستشهاد بهذا البيت في هذا الموضع قوله "أو نصفه" فإن الكوفيين ينشدونه شاهدا على أن "أو" بمعنى الواو الدالة على مطلق الجمع، ويؤيد ما ذهبوا إليه أمران الأول: أنه يروى "ونصفه" بالواو، وقد ذكرنا لك من قبل أنه إذا رويت عبارة بروايتين ووضعت في إحداهما كلمة مكان كلمة في الرواية الأخرى دلَّ ذلك على أن الكلمتين بمعنى واحد، والثاني: أن فتاة الحي التي حكى النابغة عنها أنها قالت "ألا ليتما" إلى آخر البيت كانت قد تمنت هذا الحمام ونصفه منضمًّا إلى حمامتها، ويرون عنها أنها قالت:
ليت الحمام ليه ... إلى حمامتيه
ونصفه قديه ... تم الحمام ميه
ولا يتم الحمام مائة إلا إذا انضم الحمام إلى نصفه إلى حمامتها، بدليل قول النابغة في هذه القصة من أبيات القصيدة:
فحسبوه فألفوه كما ذكرت ... ستًا وستين لم تنقص ولم تزد
ولو كانت "أو" على أصله لم تصلح هذه الحسبة، وتخريج المؤلف لهذا البيت على أن في الكلام حذف المعطوف عليه وحرف العطف وأن تقدير الكلام: ليتما هذا الحمام لنا أو هو ونصفه -مع بقاء أو على معناها الأصلي- بعيد كل البعد، فوق أنه لا مستند له من قواعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>