للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصرف "عواقد" وهي لا تنصرف؛ لأنه ردها إلى الأصل، وقال النابغة:

[٣٠٩]

فَلَتَأْتِيَنْكَ قَصَائِدٌ


= عشرة أبيات ثانيها هذا البيت، وانظر الشاهد "رقم ١٤٤" في المسألة رقم ٢٨، والبيت المستشهد به هنا من شواهد سيبويه "١/ ٥٦" وابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٩٤٢" وابن يعيش في شرح المفصل "ص٨٣٠" ورضي الدين في باب اسم الفاعل من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٤٦٦" والأشموني "رقم ٧٠٧" وابن الناظم في باب إعمال اسم الفاعل، وشرحه العيني "٣/ ٥٥٨" والضمير في قوله "حملن" يعود إلى النساء وإن لم يجر لهن ذكر، ولكن لما كان المراد مفهوما جاز هذا الإضمار، والحبك -بضم الحاء المهملة والباء الموحدة- جمع حبيك، والحبك: الطرائق، والنطاق -بكسر النون بزنة الكتاب- ما تشده المرأة في حقوها، وتقول: انتطقت المرأة؛ إذا لبست النطاق، واحتبكت؛ إذا لبست الحباك وهو الإزار، وشب: قوي وترعرع، والمهبّل: المدعو عليه بالهبل وهو الثكل، وقيل: هو المعتوه الذي لا يتماسك. يقول: إن هذا الفتى من الفتيان الذين حملت أمهاتهم بهم وهن غير مستعدات للفراش فنشأ محمودًا مرضيًا. والاستشهاد بهذا البيت ههنا في قوله "عواقد" فإن هذه الكلمة على صيغة منتهى الجموع وهي تقتضي المنع من صرف الاسم، ولكن الشاعر قد صرف هذه الكلمة ونونها حين اضطر لإقامة الوزن، ونظيره قول امرئ القيس بن حجر الكندي:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... سوالك نقب بين حزمي شعبعب؟
وقول زهير بن أبي سلمى:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن بالعلياء من فوق جرثم؟
وقوله سحيم:
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحملن من جنبي شروري غواديا
ومن صرف الاسم الممنوع من الصرف قول امرئ القيس في معلقته:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت: لك الويلات إنك مرجلي
والنحاة يستشهدون ببيت الشاهد على أنه نصب قوله "حبك النطاق" بعواقد الذي هو جمع عاقدة الذي هو اسم الفاعل المؤنث من قولهم "عقدت المرأة نطاقها" إذا شدَّته وربطته.
[٣٠٩] هذه قطعة من بيت للنابغة الذبياني، وهو بتمامه.
فلتأتينك قصائد، وليدفعن ... جيشا إليك قوادم الأكوار
وكان زرعة بن عمرو بن خويلد لقي النابغة بعكاظ، فأشار عليه أن يطلب إلى قومه ويحضهم على قتال بني أسد وترك حلفهم، وأبى النابغة، فبلغه أن زرعة يتوعده، فقال قصيدته التي منها بيت الشاهد، وأولها:
طال الثواء على رسوم ديار ... قفر أسائلها، وما استخباري؟
والقوادم: جمع قادمة، والقادمة: مقدم الرحل، والأكوار: جمع كور، وهو رحل الناقة. ويتهدده بأنه سيهجوه، وبأنه سيغزوه، والاستشهاد بالبيت في قوله "قصائد" فإن هذه الكلمة على صيغة منتهى الجموع وهي تقتضي منع الصرف، وقد صرف الشاعر هذه الكلمة حين اضطر إلى إقامة الوزن، على نحو ما قررناه في البيت الذي قبل هذا البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>