للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

[٣٢٦]

غَلَبَ المَسَامِيحَ الوَلِيدُ سَمَاحَةً ... وكَفَى قريش المُعْضِلَاتِ وسَادَهَا

فلم يصرف "قريش" لأنه جعله اسمًا للقبيلة حملًا على المعنى، والحمل على المعنى كثير في كلامهم، قال الشاعر:

[٣٢٧]

قامت تُبَكِّيهِ على قبره ... من لي من بعدك يا عَامِرُ


[٣٢٦] هذا البيت لعدي بن الرقاع العاملي، وقد أنشده ابن منظور "ق ر ش" أول بيتين ونسبهما إليه، وقال: إنه يمدح فيهما الوليد بن عبد الملك بن مروان، والبيت الثاني هو قوله:
وإذا نشرت له الثناء وجدته ... ورث المكارم طرفها وتلادها
والبيت من شواهد سيبويه "١/ ٢٦" والمساميح: جمع سمح على غير قياس، وهو الذي خلقه السماحة والجود، والمعضلات: الشدائد، واحدها معضلة، وسادها: أي صار سيدها ووالي أمورها. والاستشهاد به في قوله "قريش فقد منعه من الصرف، وأنت إن أردت به الحي أو الرجل كان منعه من الصرف ضرورة من الضرورات التي أباحها الكوفيون للشاعر وحظرها البصريون على الشاعر وغيره، وإن أردت به القبيلة كان منعه من الصرف جاريًا على القاعدة المطردة لوجود سببين مانعين من الصرف حينئذٍ وهما العلمية والتأنيث، قال الأعلم الشنتمري "الشاهد فيه ترك صرف قريش حملا على معنى القبيلة، والصرف فيها أكثر وأعرف لأنهم قصدوا بها قصد الحي وغلب ذلك عليها" ا. هـ كلامه؛ أما أن المراد في هذا البيت القبيلة فيرشحه قوله بعد ذلك في البيت "وسادها" فأعاد الضمير مؤنثًا؛ فذلك يؤيد أنه عنى القبيلة، وقال ابن سيده: وقول الشاعر:
وجاءت من أباطحها قريش ... كسيل أتى بيشة حين سالا
قال: عندي أنه أراد قريش -غير مصروف- لأنه عنى القبيلة، ألا تراه قال جاءت فأنث؟ قال: وقد يجوز أن يكون أراد: وجاءت من أباطحها جماعة قريش فأسند الفعل إلى الجماعة، فقريش على هذا مذكر، اسم للحي" ا. هـ كلامه، وقال سيبويه: "وإن شئت جعلت تميما وأسدا اسم قبيلة فلم تصرفه، والدليل على ذلك قول الشاعر:
نبا الخز عن روح، وأنكر جلده ... وعجت عجيجًا من جذام المطارف
وسمعنا من العرب من يقول:
فإن تبخل سدوس بدرهميها ... فإن الريح طيبة قبول
فإذا قالوا: ولد سدوس كذا وكذا، أو ولد جذام كذا وكذا؛ صرفوه، ومما يقوّي ذلك أن يونس زعم أن بعض العرب يقول: هذه تميم بنت مر، وسمعناهم يقولون: قيس بنت عيلان، وتميم صاحبة ذلك، فإنما قال بنت حين جعله اسمًا للقبيلة، ومن ذلك قولهم: باهلة بن أعصر، فباهلة امرأة، ولكنه جعله اسمًا للحي فجاز له أن يقول: ابن" ا. هـ كلامه. وحاصله أنك حين تريد الحي أو القوم تذكر وتصرف، وليس يعنيك إن كان أصل الاسم لمذكر أو مؤنث، وحين تريد القبيلة تؤنث وتمنع الصرف ولا يعنيك أن يكون أصل الاسم لمذكر أو مؤنث.
[٣٢٧] أنشد ابن منظور هذين البيتين "ع م ر" من غير عزو، والبيتان في الحديث عن امرأة قامت =

<<  <  ج: ص:  >  >>