للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

[٣٣٧]

فما له من مجد تلِيدٍ، ومَالَهُ ... من الريح فضلٌ لا الجنوبُ ولا الصَّبَا

وقال الآخر:

[٣٣٨]

فإن يَكُ غثًّا أو سمينًا فإنني ... سأجعل عينيه لنفسه مَقْنَعَا

وقال الآخر:

[٣٣٩]

وأيقن أن الخيل إن تَلْتَبِسْ به ... يكن لفَسِيل النخل بعده آبِرُ


[٣٣٧] هذا البيت للأعشى ميمون بن قيس "د٩٠" وهو من شواهد سيبويه "١/ ١٢" ونسبه للأعشى، وتبعه الأعلم، وهو البيت الرابع والعشرون من قصيدة له مطلعها:
كفى بالذي تولينه لو تجنبا ... شفاء لسقم بعد ما كان أشيبا
والأعشى يهجو في البيت رجلا بأنه لئيم الأصل لم يرث مجدا ولا كسب خيرًا، فضرب له المثل بنفي حظه من الريحين والجنوب والصبا لأن الجنوب والصبا أكثر الرياح عندهم خيرًا، والجنوب تلقح السحاب، والصبا تلقح الأشجار، وقد يتأول على أنه لا خير عنده ولا شر، كما يقال: فلان لا ينفع ولا يضر، أي أنه ليس بشيء يعبأ به. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "وما له من مجد" حيث اختلس ضمه الهاء اختلاسًا ولم يشبعها حتى تنشأ عنها واو، ولكن رواية المؤلف ورواية سيبويه من قبله تخالف رواية الديوان، فقد ورد البيت في الديوان هكذا:
وما عنده مجد تليد، وما له ... من الريح فضل، لا الجنوب ولا الصبا
والهاء في "عنده" على هذه الرواية مشبعة غير مختلسة، وسيبويه غير متهم فيما يرويه عن العرب.
[٣٣٨] هذا البيت من كلام مالك بن خريم -بالخاء المعجمة، بوزن المصغر- وهو من شواهد سيبويه "١/ ١٠" وقد نسبه إليه، وأقر الأعلم هذه النسبة. يصف الشاعر ضيفًا نزل به، وأنه سيقدم إليه ما عنده من القرى، ويحكمه فيه ليختار منه أفضل ما تقع عليه عيناه، فيقنع بذلك. ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "لنفسه" فإن الشاعر قد اختلس كسرة الهاء اختلاسًا، ولم يمطلها حتى تنشأ عنها ياء، وذلك مما يقع في الشعر، وهو مثل ما ذكرناه في الشواهد السابقة.
[٣٣٩] وهذا البيت أيضًا من شواهد سيبويه "١/ ١١" ونسبه إلى حنظلة بن فاتك، وأقر الأعلم هذه النسبة، قال الأعلم: "والبيت يتأول على معنيين، أحدهما -وهو الأصح: أن يكون وصف جبانًا، فيقول: أيقن هذا الرجل أنه إن التبست به الخيل قتل فصار ماله إلى غيره، فكع وانهزم. والمعنى الآخر أن يكون وصف شجاعًا فيقول: قد علم أنه إن ثبت وقتل لم تتغير الدنيا بعده وبقي من أهله من يخلفه في حرمه وماله، فثبت ولم يبال بالموت" ا. هـ.
والخيل: أراد بها خيل الفرسان في الحرب، وفسيل النخل -بفتح الفاء- صغاره، والآبر: الذي يصلح النخل، وعمله الإبار، ومحل الاستشهاد من البيت قوله: "بعده" حيث اختلس ضمه الهاء اختلاسًا ولم يمطلها حتى تنشأ عنها واو، على نحو ما ذكرناه في الشواهد السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>