للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد انْزِلْ، وأنثها لأنها بمنزلة النَّزْلة، وقال الآخر:

[٣٥٥]

عرضنا نزالِ فلم ينزلوا ... وكانت نزال عليهم أَطَمْ

وقال الآخر:

[٣٥٦]

فدعوا نزال فكنت أوَّل نازلٍ ... وعَلَامَ أَرْكَبُهُ إذا لم أَنْزِلِ


[٣٥٥] هذا البيت من كلام جريبة الفقعسي، وقد أنشده ابن منظور "ن ز ل" وعزاه إليه، وقد فسرنا "نزال" في البيت السابق بما يغني عن الإعادة، و"أطم" أفعل تفضيل من قولهم "طم الأمر" أي تفاقم، وأصله قولهم "طم الماء طما وطموما" أي غمر، و"طم البحر" أي غلب سائر البحور، وقد وقع لفظ "نزال" في هذا البيت في موقعين من مواقع الإعراب، الأول: وقع فيه مفعولا به، وذلك قوله "عرضنا نزال" والثاني: وقع فيه اسمًا لكان، وذلك قوله "وكانت نزال" وذلك كله لأنه قصد اللفظ على ما بيناه في شرح الشاهد السابق، قال ابن السراج: اعلم أنه لا يبنى على مثال فعال من هذا الباب على الكسر إلا وهو مؤنث معرفة معدول عن جهته، وإنما بني على الكسر لأن الكسر مما يؤنث به، تقول للمرأة: أنت فعلت، وإنك فاعلة، وكان أصل هذا -إذا أردت به الأمر- السكون، فحركته لالتقاء الساكنين، وجعلت الحركة الكسرة للتأنيث، وذلك قولك: نزال، وتراك؛ ومعناه انزل واترك، فهما معدولان عن المتاركة والمنازلة، قال الشاعر تصديقًا لذلك:
ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال، ولج في الذعر
فقال "دعيت" لما ذكرت لك من التأنيث" ا. هـ كلامه.
[٣٥٦] هذا البيت من كلام ربيعة بن مقروم الضبي، وقد أنشده ابن منظور "ن ز ل" ثاني بيتين من غير عزو، وأولهما قوله:
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها ... بسليم أوظفة القوائم هيكل
والأوظفة: جمع وظيف -بوزن رغيف وأرغفة- والوظيف: مستدق الذارع والساق من الخيل والإبل، والهيكل: الفرس الطويل علوًا عدولًا، وهو الضخم من كل الحيوان، وقال امرؤ القيس في معلقته:
وقد أغتدي والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
قال ابن منظور في تفسير بيت ربيعة "وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلام أركبه إذا لم أنازل الأبطال عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلم أذخر الدهماء عند الإغارة ... إذا أنا لم أنزل إذا الخيل جالت؟
فهذا بمعنى المنازلة في الحرب والطراد لا غير، ويدل علي أن نزال في قوله "فدعوا نزال" بمعنى المنازلة دون النزول إلى الأرض قوله:
وعلام أركبه إذا لم أنزل؟
أي لماذا أركبه إذا لم أقاتل عليه؟ أي في حين عدم قتالي عليه؟ وإذا جعلت نزال بمعنى النزول إلى الأرض صار المعنى: وعلام أركبه حين لم أنزل إلى الأرض؟ ومعلوم أنه حين لم ينزل هو راكب، فكأنه قال: وعلام أركبه في حين أنا راكب؟ "ا. هـ. ومحل الاستشهاد =

<<  <  ج: ص:  >  >>