للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد "قَبْلِي" وقال الآخر:

[٣٦٥]

وطِرْتُ بِمُنْصُلِي في يَعْمَلَاتِ ... دوامي الأيدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحَا

أراد "الأيدي". وقال خُفَافُ بن نَدْبَةَ السلمي:

[٣٦٦]

كنواحِ ريش حمامة نجدية ... ومسحت باللثتين عَصْفَ الإِثْمِدِ

أراد "كنواحي" فاجتزأ بالكسرة عن الياء كما يجتزئون بالضمة عن الواو وبالفتحة عن الألف، فاجتزاؤهم بالضمة عن الواو كقولهم في قاموا "قامُ" وفي كانوا "كانُ" قال الشاعر:

[٢٤٥]

فلو أن الأطِبَّاء كانُ حَوْلِي ... وكانَ مع الأطباء الأَسَاةُ

إذا ما أذهبوا ألمًا بقلبي ... وإن قيل: الأطِبَّاء الشّفَاةُ

أراد "كانوا" فاجتزأ بالضمة عن الواو.


= من قبائل العرب يرجع نسبها إلى قضاعة أيضا، فهي: عذرة بن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، ومن بني عذرة جميل بن عبد الله بن معمر صاحب بثينة، ومنهم أيضا عروة بن حزام بن مالك صاحب عفراء، ومنهم مجنون بني عامر صاحب ليلى، والاستشهاد في هذا البيت بقوله "قبل" فإنه يروى بكسر اللام وأصله "قبلي" فحذف ياء المتكلم مكتفيًا بالكسرة التي قبلها للدلالة عليها، ولو أنه قال "قبل" بضم اللام على حذف المضاف إليه ونيّة معناه لاستقام له الوزن وسلم من كل شيء، فقد كان متمكنًا من أن يأتي بالبيت على وجه لا ضرورة فيه، وذلك يدل على أن حذف حرف العلة لدلالة الحركة عليه أمر هين عندهم لا يرون به بأسا، وانظر الشواهد ٢٤٥-٢٥٤ التي مضت في المسألة ٥٦ ثم انظر الشاهد ٢٧٤ والشاهد ٢٨٣ في المسألة ٦٢.
[٣٦٥] هذا البيت من شواهد سيبويه "١/ ٩" ولم يعزه ولا عزاه الأعلم إلى قائل معين، والمنصل -بضم الميم والصاد بينها نون ساكنة- السيف، واليعملات: جمع يعملة، وهي الناقة القوية على العمل، وقوله "دوامي الأيد" إشارة إلى أنه كان في سفر وأن نوقه قد حفين لإدمان السير ودميت أخفافهن، والسريح: جلود أو خرق تشد على أخفاق الناقة، وصف أنه عقر نوقه بسيفه للأضياف مع شدة حاجته إليهن لكونه مسافرًا، والاستشهاد بالبيت في قوله "دوامي الأيد" حيث حذف الياء اكتفاء بالكسرة قبلها، وأصله "دوامي الأيدي".
[٣٦٦] هذا البيت من شواهد سيبويه أيضا "١/ ٩" ونسبه إلى خفاف بن ندبة السلمي -وصف الشاعر شفتيّ امرأة فشبهها بنواحي ريش الحمامة في رقتهما ولطافتهما، وأراد أن لثاتها تضرب إلى السمرة فكأنها مسحت بالإثمد، وعصف الإثمد: ما سحق منه، وخص الحمامة النجدية لأنه يريد الحمام الورق وهي تألف الجبال، ولا تألف الفيافي والسهول، والنجدية: المنسوبة إلى النجد، وهو ما ارتفع من الأرض، والاستشهاد بالبيت في قوله "كنواح" فإنه أراد أن يقول: كنواحي ريش حمامة" فلم يتهيأ له أن يقيم وزن البيت مع الياء فحذفها اكتفاء بالكسرة التي قبلها للدلالة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>