للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه لما كانت "كاد" موضوعة للتقريب من الحال واسم الفاعل ليس دلالته على الحال بأولى من دلالته على الماضي عدلوا عنه إلى "يفعل" لأنه أدلُّ على مقتضى كاد، ورفعوه مراعاة للأصل؛ فدلَّ على صحة ما ذهبنا إليه، والله أعلم.


= البغدادي في الخزانة "٣/ ٥٤٠" وكان بنو لحيان -وهم حي من هذيل- وقد وجدوا تأبط شرا يشتار عسلا فوق جبل، فأخذوا عليه طريقه، فلما أحس ذلك منهم وكره أن يقع في أسرهم انطلق إلى مكان بعيد ثم صب ما معه من العسل على الصخر وانزلق عليه حتى انتهى إلى الأرض ثم أسلم قدميه للريح فنجا، وفهم -بفتح فسكون- قبيلة تأبط شرًا، وهم بنو فهم بن عمرو بن قيس عيلان "وما كدت آئبا" رواية الحماسة "وما كنت آئبا" ولا شاهد فيها لما نحن فيه الآن، وآئب: اسم الفاعل من آب يئوب أوبا ومآبا: أي رجع، وتصفر: تتأسف وتتحزن على أنها لم تستطع أن تنال مني. وموضع الاستشهاد بهذا البيت هنا هو قوله "وما كدت أئبا" حيث جاء الشاعر بخبر "كاد" اسما مفردا منصوبًا، والأصل في أفعال المقاربة ني كون خبرها جملة فعلية فعلها مضارع، قال ابن جني "استعمل الشاعر الاسم الذي هو الأصل المرفوض الاستعمال موضع الفعل الذي هو فرع، وذلك أن قولك كدت أقوم أصله كدت قائما، ولذلك ارتفع المضارع -أي لوقوعه موقع الاسم- فأخرجه الشاعر على أصله المرفوض، كما يضطر الشاعر إلى مراجعة الأصول المهجورة عن مستعمل الفروع، نحو صرف ما لا ينصرف، وإظهار التضعيف، وتصحيحه المعتل، وما جرى مجرى ذلك" ا. هـ كلامه.
ونظير هذا البيت قول الشاعر، وهومن شواهد ابن يعيش "ص٩٢٤" و"٢٣٢" ومغني اللبيب "٢٥٠" وشرحه العيني "٢/ ١٦١":
أكثرت في العذل ملحا دائما ... لا تكثرن إني عسيت صائما

<<  <  ج: ص:  >  >>