قولهم "لو كان مرفوعًا لقيامه مقام الاسم لكان ينبغي أن يكون منصوبًا إذا كان الاسم منصوبًا -إلى آخر ما ذكروه" قلنا: إنما لم يكن منصوبًا ومجرورًا إذا قام مقام اسم منصوب أو مجرور؛ لأن عوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال؛ وهذا فعل؛ فلهذا لم يكن عامل الاسم عاملًا فيه.
وأما قولهم "وجدنا نصبه وجزمه بناصب وجازم لا يدخلان على الاسم، فعلمنا أنه يرتفع من حيث لا يرتفع الاسم" قلنا: وكذلك نقول؛ فإنه يرتفع من حيث لا يرتفع الاسم؛ لأن ارتفاعه لقيامه مقام الاسم، والقيام مقام الاسم ليس بعامل للرفع في الاسم.
وأما قول الكسائي "إنه يرتفع بالزائد في أوله" فهو قول فاسد من وجوه:
أحدها: أنه كان ينبغي أن لا تدخل عليه عوامل النصب والجزم؛ لأن عوامل النصب والجزم لا تدخل على العوامل.
والوجه الثاني: أنه لو كان الأمر على ما زعم لكان ينبغي أن لا ينتصب بدخول النواصب، ولا ينجزم بدخول الجوازم؛ لوجود الزائد أبدًا في أوله، فلما انتصب بدخول النواصب وانجزم بدخول الجوازم دلَّ على فساد ما ذهب إليه.
والوجه الثالث: إن هذه الزوائد بعض الفعل، لا تنفصل منه في لفظ، بل هي من تمام معناه، فلو قلنا:"إنها هي العاملة" لأدى ذلك إلى أن يعمل الشيء في نفسه، وذلك محال، ويخرج على هذا "أن" المصدرية فإنها تعمل في الفعل المستقبل وهي معه في تقدير المصدر؛ لأنها قائمة بنفسها ومنفصله عن الفعل، وكل واحد منهما ينفصل عن صاحبه، فبان الفرق بينهما.
وأما قولهم:"إنه لو كان مرفوعًا لقيامه مقام الاسم لكان ينبغي أن لا يرتفع في قولهم: كاد زيد يقوم؛ لأنه لا يجوز أن يقال كاد زيد قائما" قلنا: هذا فاسد؛ لأن الأصل أن يقال: كاد زيد قائمًا، ولذلك ردَّه الشاعر إلى الأصل لضرورة الشعر في قوله:
[٣٦٧]
فَأُبْتُ إلى فهمٍ وما كدت آئِبًا ... وكم مثلها فارقْتُها وهي تَصْفِرُ
[٣٦٧] هذا البيت من كلام تأبط شرا، واسمه ثابت بن جابر بن سفيان، الفهمي وهو تاسع تسعة أبيات اختارها أبو تمام حبيب ابن أوس الطائي في ديوان الحماسة "انظر شرح التبريزي ١/ ٧٥ بتحقيقنا وشرح المرزوقي ص٧٤-٨٤" والبيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل "ص٩٢٣ و١٠٢١" والأشموني "رقم ٢٣١" وأوضح المسالك "رقم ١١٨" وابن عقيل "رقم ٨٥" وابن الناظم في باب أفعال المقاربة من شرح الألفية، وشرحه العيني "٢/ ١٦٥ بهامش الخزانة" ورضي الدين في باب الفعل المضارع من شرح الكافية، وشرحه =