للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأنت إن لم تلقمه" تَلْقَمَنْهُ -بنون التأكيد الخفيفة- فحذفها وبقيت الميم مفتوحة، كما قال الشاعر:

[٣٧٣]

اضرِبَ عنك الهُمُوم طَارِقَهَا ... ضربك بالسوط قَوْنَسَ الفَرَسِ


[٣٧٣] هذا البيت من شواهد مغني اللبيب "رقم ٩٠٠ بتحقيقنا" وابن جني في الخصائص "١/ ١٢٦" وقد أنشده ابن منظور "ق ن س" ونقل عن ابن بري أن البيت لطرفة بن العبد البكري، وقد رواه أبو زيد في نوادره "١٣" وقال قبل إنشاده "قال أبو حاتم: أنشدني الأخفش بيتا مصنوعا لطرفة" وقد استشهد به ابن يعيش في شرح المفصل "ص١٢٤٢" وابن الناظم في باب نوني التوكيد من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٣٣٧" بهامش الخزانة" و"اضرب" يقع في موضعه "اصرف" والأول أدق وأوفق ببقية البيت، وطارقها: اسم الفاعل من "طرق يطرق" إذا أتى ليلا، وقونس الفرس -بفتح القاف والنون وسكون الواو وآخره سين مهملة- هو العظم الناتئ بين أذني الفرس، ومحل الاستشهاد بالبيت قوله "اضرب عنك" فإن الرواية فيه بفتح الباء، وقد خرج العلماء هذه الرواية على أن أصل الكلام "اضربن عنك" بنون توكيد خفيفة ساكنة، وفعل الأمر يبنى مع نوني التوكيد على الفتح، ثم حذف الشاعر نون التوكيد وهو ينويها، فلذلك أبقى الفعل على ما كان عليه وهو مقرون بها؛ لتكون هذه الفتحة مشيرة إلى النون المحذوفة ودالة عليها، وهذا شاذ؛ لأن نون التوكيد الخفيفة إنما تحذف إذا وليها ساكن كما في قول الأضبط بن قريع السعدي:
لا تهين الفقر علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه
فإنه أراد "لا تهين الفقير" بنونين: أولاهما: لام الكلمة، والثانية: نون التوكيد الخفيفة، فحذف نون التوكيد لأن التالي لها ساكن وهو لام "الفقير" ويدل على حذف النون ههنا الفتحة التي على لام الكلمة والياء التي هي عين الكلمة؛ إذ لو لم يكن على تقدير النون لحذف هذه الياء، لأن الأجوف المجزوم تحذف عينه للتخلص من التقاء الساكنين: سكون هذه العين المعتلة، وسكون اللام للجازم.
ونظير بيت الشاهد في حذف نون التوكيد الخفيفة مع أنه ليس بعدها ساكن قول الشاعر، وأنشده الجاحظ في البيان "٢/ ١٨٧" والحيوان "٧/ ٨٤" على وجه لا شاهد فيه:
خلافا لقولي من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا
محل الشاهد قوله "خالف" فإن الرواية في هذه الكلمة بفتح آخره، وتخريجها أن الأصل "خالفن" بنون التوكيد الخفيفة، فحذف النون وهو ينويها، ورواية الجاحظ "خالف فتذكرا" ومثله قول الآخر وأنشده أبو علي الفارسي:
إن ابن أحوص مغرور فبلغه ... في ساعديه إذا رام العلا قصر
الشاهد في قوله "فبلغه" فإن أصله "فبلغنه "بنون ساكنة بعد الغين، فحذف النون. ومثله قول الآخر:
يا راكبا بلغ إخواننا ... من كان من كندة أو وائل
الاستشهاد بقوله "بلغ" فإن الأصل "بلغن" فحذف النون وأبقى الغين على فتحتها ونظيره قوله الآخر وأنشده أبو زيد في نوادره "ص١٣" وابن جني في الخصائص "٣/ ٩٤": =

<<  <  ج: ص:  >  >>