لا تهين الفقر علك أن ... تركع يوما والدهر قد رفعه فإنه أراد "لا تهين الفقير" بنونين: أولاهما: لام الكلمة، والثانية: نون التوكيد الخفيفة، فحذف نون التوكيد لأن التالي لها ساكن وهو لام "الفقير" ويدل على حذف النون ههنا الفتحة التي على لام الكلمة والياء التي هي عين الكلمة؛ إذ لو لم يكن على تقدير النون لحذف هذه الياء، لأن الأجوف المجزوم تحذف عينه للتخلص من التقاء الساكنين: سكون هذه العين المعتلة، وسكون اللام للجازم. ونظير بيت الشاهد في حذف نون التوكيد الخفيفة مع أنه ليس بعدها ساكن قول الشاعر، وأنشده الجاحظ في البيان "٢/ ١٨٧" والحيوان "٧/ ٨٤" على وجه لا شاهد فيه: خلافا لقولي من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا محل الشاهد قوله "خالف" فإن الرواية في هذه الكلمة بفتح آخره، وتخريجها أن الأصل "خالفن" بنون التوكيد الخفيفة، فحذف النون وهو ينويها، ورواية الجاحظ "خالف فتذكرا" ومثله قول الآخر وأنشده أبو علي الفارسي: إن ابن أحوص مغرور فبلغه ... في ساعديه إذا رام العلا قصر الشاهد في قوله "فبلغه" فإن أصله "فبلغنه "بنون ساكنة بعد الغين، فحذف النون. ومثله قول الآخر: يا راكبا بلغ إخواننا ... من كان من كندة أو وائل الاستشهاد بقوله "بلغ" فإن الأصل "بلغن" فحذف النون وأبقى الغين على فتحتها ونظيره قوله الآخر وأنشده أبو زيد في نوادره "ص١٣" وابن جني في الخصائص "٣/ ٩٤": =