للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائر ما في القرآن من هذا النحو؛ فأما الحديث١ "كاد الفقر أن يكون كفرًا" فإن صح فزيادة "أن" من كلام الراوي، لا من كلامه عليه السلام؛ لأنه صلوات الله عليه أفصح من نطق بالضاد.

والوجه الثاني: أن يكون أراد بقوله "بَعْدَ ما كدت أَفْعَلَهْ" بعد ما كدت أفعلها، يعني الخَصْلَةَ. فحذف الألف وألقى فتحة الهاء على ما قبلها، وهذا التأويل في هذا البيت حكاه أبو عثمان عن أبي محمد التوزي عن الفراء من أصحابكم، كما حكي أن بعض العرب قتل رجلًا يقال له مَرْقَمَةُ وقد كلفه وآخر أن يبتلعا جُرْدَانَ الحمار٢ فامتنعا فَقَتَلَ مَرْقَمةَ، فقال الآخر "طَاحَ مَرْقَمَةْ" فقال له القاتل: "وأنت إن لم تَلْقَمَهْ" يريد: تَلقمُهَا، فحذف الألف وألقى حركة الهاء على الميم، وكما قال الشاعر:

[٣٧٢]

فإني قد رأيت بدار قومي ... نوائبَ كنت في لَخْمٍ أَخَافَهْ

يريد: "أخافُها" فحذف الألف وألقى حركة الهاء على الفاء، وهي لغة لخم، وحكى أصحابكم "نحن جئنَاكَ به" أي جئناك بِهَا، فحذف الألف وألقى حركة الهاء على الباء، فكذلك ههنا.

والوجه الأول أَوْجَهُ الوجهين، لأنه يحتمل أن يكون التقدير في قوله:


[٣٧٢] النوائب: جمع نائبة، وأصلها اسم الفاعل من "نابه ينوبه" إذا نزل به وعرض له، ثم أطلقوا النائبة على ما ينزل بالمرء من الحوادث والمصائب والمهمات، وفي حديث خيبر "قسمها نصفين: نصفًا لنوائبه وحاجاته، ونصفًا بين المسلمين" ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله "أخافه" بفتح الفاء وسكون الهاء فإن أصل هذه الكلمة "أخافها" بضم الفاء وبضمير المؤنثة العائد إلى "نوائب" فأراد الشاعر الوقف بنقل الحركة، فحذف الألف، ثم ألقى حركة الهاء على الفاء بعد أن أسقط حركة الفاء الأصلية، على مثل ما ذكرناه في شرح المثل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>