للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاللام في قوله "للأعادي" لا تكون من صلة "أن تَدِيخَ" بل من صلة فعل مُقَدَّرٍ قبله، وتقديره "أبت أن تديخ" وجعل هذا المُظْهَر تفسيرًا لذلك المقدر، وهذا النحو في كلامهم أكثر من أن يحصى، والله أعلم.


= كنت زيدًا لأضرب، وأنشدوا "لقد وعدتني أم عمرو ... البيت السابق" ولا دليل في ذلك؛ لأنا نقول: إنه منصوب بإضمار فعل، كأنه قال: ولم أكن لأسمع مقالتها، ثم بين ما أضمر بقوله لأسمعا، كما في قوله "أبت للأعادي أن تذل رقابها" التقدير: أبت أن تذل رقابها للأعادي، ثم كرر الفعل بيانا للمضمر، فاعرفه" ا. هـ كلامه. ويقول أبو رجاء: لقد أصل النحاة قاعدة أن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول، واستنبطوا لهذه القاعدة علة حاصلها أن الصلة تكملة وتمام للموصول، وهما في قوة الكلمة الواحدة، وأن المعمول من تكملة العامل، وتقديم المعمول كتقديم عجز الكلمة على صدرها، ولما كان تقديم عجز الكلمة على صدرها غير جائز كان تقديم ما هو بمنزلة عجز الكلمة على ما هو بمنزلة صدرها غير جائز أيضًا، فيكون تقديم معمول الصلة على الموصول غير جائز، وفاتهم أن النص مقدم على القياس وعلى التعليل، وأن تقدير شيء وفي الكلام ما يغني عنه مما لا يصح ارتكابه ولا اللجوء إليه، ثم إنهم يقولون دائما: إن الجار والمجرور يتوسع فيهما ما لا يتوسع في غيرهما، فهلا اعتذروا عن تقدم معمول الفعل المعمول لأن المصدرية في هذا البيت بأن هذا المعمول جار ومجرور، وأن الجار والمجرور يتوسع فيهما ما لا يتوسع في غيرهما، ولكننا نعتقد أن البصريين لما رأوا معمول الفعل المنصوب بعد لام الجحود في البيت السابق "الشاهد رقم ٣٨٦" مفعولا صريحا وليس جارا ومجرورًا، وأن حجة الكوفيين قائمة به، لما رأوا ذلك تغاضوا عن كون المعمول في هذا البيت جارا ومجرورًا وساقوا الكلام مساقًا واحدًا، فتنبه لذلك، وأجل فيه نظرك، والله يتولاك بعصمته وتأييده.

<<  <  ج: ص:  >  >>