للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعطف عينيه على أنفه، وإن كانت العينان لا توصفان بالجدع؛ وقال لبيد:

[٣٩٣]

فَعَلَا فروع الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ ... بالجَلْهَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا ونَعَامُهَا

فعطف نعامها على ظباؤها، والنعام لا تُطْفِلُ، وإنما تَبِيضُ، وقال الآخر:

[٣٩٤]

يالليت بَعْلَكِ في الوَغَى ... متقلّدًا سيفًا ورُمْحًا


[٣٩٣] هذا هو البيت السادس من معلقة لبيد بن ربيعة العامري "انظر شرح التبريزي على المعلقات العشر ص١٢٧ ط السلفية" وهو من شواهد ابن جني في الخصائص "٢/ ٤٣٢" ويروى "فغلا فروع الأيهقان" بالغين معجمة ورفع فروع الأيهقان، ويروى "فاعتم نور الأيهقان" ومن روى "فعلا" بالعين مهملة رفع فروع الأيهقان أو نصبه، فأما من روى "فغلا" بغين معجمة فرفع فروع الأيهقان، ومعناه عنده ارتفع وزاد، من قولهم "غلا السعر" إذا ارتفع، وقولهم "غلا الصبي يغلو" إذا شب، والمعنى كذلك عند من روى "فاعتم نور الأيهقان" وعند من روى "فعلا فروع الأيهقان" بالعين المهملة مع رفع الفروع، فأما من روى بنصب الفروع فقد جعل في علا ضميرا مستترا يعود إلى السيل، والمعنى أن السيل قد ارتفع حتى علا فروع الأيهقان وجاوزها، والرفع أجود معنى، لأن الغرض وصف هذه الأرض بالنماء والخصب وأن ما فيها قد عاش ونما، ولأنه المناسب لما بعده، وأطفلت: أي صارت ذات طفل أي ولد، والفروع: الأعالي، واحدها فرع، والجلهتان: جانبا الوادي، وموطن الاستشهاد من هذا البيت قوله "وأطفلت ظباؤها ونعامها" فإن ظاهره أن قوله: "نعامها" معطوف على قوله: "ظباؤها" فيكون الفعل الذي عمل في المعطوف عليه هو العامل في المعطوف وأهل العربية لا يقولون "أطفلت النعامة" وإنما يقولون في هذا المعنى أفرخ النعام أو باض النعام؛ ولهذا يرى أهل التحقيق من النحاة أن العامل في "نعامها" محذوف، والتقدير: أطفلت ظباؤها وأفرخت نعامها، أو أطفلت ظباؤها وباضت نعامها، وعلى هذا تكون الواو قد عطفت جملة "وأفرخت نعامها" على جملة "أطفلت ظباؤها" أو يكون الشاعر قد توسع في معنى "أطفلت" فصيره كقولك "أنتجت" وما يؤدي مؤداه، وحينئذ يصح تسلطه على كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه، ويرد على المؤلف ما أوردناه عليه في شرح الشاهد السابق، ونظير ذلك أيضًا قول لبيد في المعلقة نفسها:
بطليح أسفار تركن بقية ... منها فأحنق صلبها وسنامها
الطليح: الناقة التي أعيت وتعبت، وأحنق، أي ضمر، والاستشهاد به في قوله: "أحنق صلبها وسنامها" فإن ظاهره أن قوله "سنامها" معطوف على قوله "صلبها" فيكون قوله "أحنق" مسلطا عليهما جميعا، وقد قال نقلة اللغة: إنه يقال: "أحنق صلب الناقة" أي ضمر وهزل، ولا يقال "أحنق سنام الناقة" وإنما يقال: ذهب سنامها فيئول بأحد التأويلين السابقين، ومن العلماء من أجاز أن تقول "أحنق السنام" وأغلب ظني أنه إنما أجازه على تضمين أحنق معنى دق أو فني أو ذهب أو ما أشبه ذلك.
٣٩٤- هذا البيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل "ص٢٢٤" وكامل المبرد "١/ ١٩٦ و٢١٨ الخيرية، رغبة الآمل ٣/ ٢٣٤" وخصائص ابن جني "٢/ ٤٣١" وأنشده ابن منظور

<<  <  ج: ص:  >  >>