[٣٩٥] هذا البيت أنشده ابن منظور "ق ل د" وهو من شواهد ابن جني في الخصائص "٢/ ٤٣١" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٢٥٨" وفي شرح شذور الذهب "رقم ١١٥" وابن عقيل "رقم ١٦٥" والأشموني "رقم ٤٤١" وابن الناظم في باب المفعول معه من شرح الألفية، وشرحه العيني "٣/ ١٠١ بهامش الخزانة" والسيد المرتضي في أماليه "٢/ ٢٥٩ ط الحلبي" وتقول: علفت الدابة أعلفها -من باب ضرب- تريد أطعمتها، والتبن -بكسر التاء وسكون الباء- هو قصب الزرع بعد أن يداس، وهمالة: صيغة مبالغة من قولهم: هملت عين فلان؛ إذا أرسلت دمعها إرسالًا، ومحل الاستشهاد في هذا البيت قوله "وماء" فإن ظاهره أنه معطوف بالواو على قوله "تبنًا" ولو كان معطوفا على التبن لكان الواجب أن يتسلط على المعطوف الفعل العامل في المعطوف عليه وهو قوله علفتها، ولكنك تعلم أنه يقال: علفت الدابة تبنا، ولا يقال: علفتها ماء. ولكن يقال: سقيتها ماء، ومن أجل هذا وجب واحد من أمرين: الأول: أن يكون قوله "ماء" مفعولا به لفعل محذوف -والتقدير: وسقيتها ماء- وتكون جملة الفعل المحذوف ومعمولاته معطوفة على جملة علفتها تبنًا، والأمر الثاني: أن تضمن علفتها معنى فعل يصح أن تسلطه على المعطوف والمعطوف عليه جميعًا مثل أنلتها أو قدمت لها أو ما أشبه هذين، ونظير هذا البيت والأبيات السابقة قول طرفة بن العبد البكري. أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة ... لها سبب ترعى به الماء والشجر والاستشهاد بهذا البيت في قوله "ترعى به الماء والشجر" فإن ظاهره غير صحيح لأنه يقال: رعت الماشية الشجر، ولا يقال: رعت الماء، وإنما يقال: شربت الماء، ومن أجل هذا يجب أن تقدر فعلا يعمل في الماء؛ وكأنه قد قال: لها سبب تشرب به الماء وترعى الشجر، وإما أن تضمن ترعى معنى فعل يصح تسلطه على المعطوف والمعطوف عليه جميعا مثل تتناول، وفي بيت طرفة هذا لطيفة، وحاصلها أن الذي منع من صحة تسلط العامل المذكور فيه هو المعطوف عليه، وفي كل الأبيات السابقة كان المانع هو المعطوف، فتأمل.