للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع على إنْ، ولأنه فعل مضارع يظهر فيه عمل حرفِ الجزمِ، وذلك ضعيف في إنْ في الكلام، فإنما يجوز في الشعر، وإذا كان ذلك ضعيفًا في إن وهي الأصل ففيما هو فرع عليه أولى، ولو كان فعلًا ماضيًا لكان في هذه المواضع أسهل؛ إذ كان ذلك جائزا في إنْ في الكلام دون غيرها، وهذا كله شيء يختص بالشعر، ولا يجوز في الكلام.

وأما قولهم: "إنه يرتفع بالعائد؛ لأن المَكْنِيَّ المرفوعَ في الفعل هو الاسم الأول فينبغي أن يكون مرفوعًا به كما قالوا: جاءني الظريف زيد" قلنا: هذا باطل؛ لأن ارتفاع زيد في "جاءني الظريفُ زيدٌ" إنما كان على البدل من الظريف، وجاز أن يكون بدلا لتأخر البدل عن المبدل منه، فأما ههنا فلا يجوز أن يكون بدلا؛ لأنه لا يجوز أن يتقدم البدل على المبدل منه، وقد بينا بطلان الرفع بالعائد في موضعه بما يغني عن الإعادة ههنا.

وأما ما ذهب إليه أبو الحسن الأخفش من أنه يرتفع بالابتداء ففاسد؛ وذلك لأن حرف الشرط يقتضي الفعل ويختصّ به دون غيره، ولهذا كان عاملًا فيه، وإذا كان مقتضيًا للفعل ولا بد له منه بطل تقدير الابتداء؛ لأن الابتداء إنما يرتفع به الاسم في موضع لا يجب فيه تقدير الفعل؛ لأن حقيقة الابتداء هو التعري من العوامل اللفظية المظهرة أو المقدرة، وإذا وجب تقدير الفعل استحال وجود الابتداء الذي يرفع الاسم.

وبهذا يبطل قول من ذهب من الكوفيين وغيرهم إلى أن الاسم بعد "إذا" مرفوع لأنه مبتدأ إما بالترافع أو بالابتداء في نحو قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] لأن "إذا" فيها معنى الشرط، والشرط يقتضي الفعل؛ فلا يجوز أن يحمل على غيره، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>