وضجيع قد تعللت به ... طيب أردانه غير تفل والصعدة -فتح فسكون- القناة التي تنبت مستوية، والحائر: المكان الذي يكون وسطه منخفضا وحروفه مرتفعه عالية، وإنما جعل الصعدة في هذا المكان لأنه يكون أنعم لها وأسد لنبتتها، شبه امرأة بقناة مستوية لدنة قد نبتت في مكان مطمئن الوسط مرتفع الجوانب والريح تعبث بها وهي تميل مع الريح، وموطن الاستشهاد من هذا البيت قوله "أينما الريح تميلها" حيث وقع اسم مرفوع بعد أداة الشرط، ووقع بعد هذا الاسم المرفوع فعل مضارع مجزوم ضرورة، وقد خرج النحاة ذلك على أن الاسم المرفوع فاعل بفعل محذوف يفسره الفعل المتأخر، وهذا الفعل المحذوف هو فعل الشرط، وقد دعاهم إلى هذا أنهم يرون أدوات الشرط تختص بالأفعال، ولا يجوز أن تليها الأسماء المرفوعة على الابتداء، فإن وليها اسم مرفوع فإن كانت الأداة "إن" والفعل المتأخر ماضيًا جاز ذلك، ثم اختلفوا في رافع هذا الاسم الخلاف الذي ذكره المؤلف، وإن كانت الأداة غير "إن" أو كان الفعل غير ماضٍ لم يكن ذلك جائزًا إلا أن يضطر إليه شاعر، وحينئذ يكون ارتفاعه على ما ذكرنا. قال سيبويه "واعلم أن قولهم في الشعر: إن زيد يأتك يكن كذا، إنما ارتفع على فعل هذا تفسيره، كما كان في قولك: إن زيدا رأيته يكن ذلك؛ لأن إن لا تبتدأ بعدها الأسماء ثم يبنى عليها" ا. هـ. [٣٩٩] هذا البيت من كلام هشام المري، وهو من شواهد سيبويه "١/ ٤٥٨" ورضي الدين في باب الجوازم من شرح الكافية، وقد شرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٦٤٠" وشواهد ابن هشام في مغني اللبيب "رقم ٦٥٢" ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "فمن نحن نؤمنه" حيث وقع الضمير المنفصل المرفوع بعد أداة الشرط وبعده فعل مضارع مجزوم، فيظن من لا علم عنده أن هذا المضارع المجزوم قد عملت فيه أداة الشرط المذكورة، ولكن النحاة البصريين لا يرون ذلك، ويجعلون الضمير المنفصل فاعلا بفعل محذوف يفسره هذا الفعل المذكور بعده، وتقدير الكلام: فمن نؤمنه نؤمنه، فلما حذف فعل الشرط الذي هو الفعل الأول من هذين الفعلين وفيه ضمير مستتر واجب الاستتار تقديره نحن برز هذا الضمير فصار الكلام: فمن نحن نؤمنه، فهذا الضمير البارز المنفصل المرفوع هو الضمير الذي كان مستترًا في الفعل المحذوف، وهذا الفعل المذكور جيء به تفسيرًا وبيانًا لذلك الفعل المحذوف، فاعرف هذا، وكن منه على ثبت.