للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا دخل على النفي صار إيجابًا؛ لأن نفي النفي إيجاب١، وعلى هذا يخرج توكيد الإثبات فإنه لا يغير المعنى؛ لأن إثبات الإثبات لا يصير نفيًا، بخلاف النفي؛ فإنه يصير إيجابًا، فبان الفرق بينهما، والله أعلم.


١ هذه مغالطة ظاهرة، لا يجوز أن تأخذ بها، ولا أن تجدها صحيحة في الرد على ما ذهب إليه الكوفيون، وذلك لأن النفي إذا دخل على النفي لا يكون الكلام إيجابًا على الإطلاق، وبيان هذا أن النفي الداخل على النفي يكون على أحد وجهين: الأول: أن يكون المراد به نفي النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام إثباتا وإيجابا؛ لأن نفي النفي إيجاب، والوجه الثاني: أن يكون المراد بالنفي الثاني تأكيد النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام نفيًا مؤكدا، ولا يكون إثباتا أصلا، وذلك وارد في التوكيد اللفظي فإنه إعادة اللفظ الأول بنفسه أو بمرادفه. مثل قول جميل:
لا، لا أبوح بحب بثنة إنها ... أخذت علي مواثقا وعهودا
ثم إن المؤلف رحمه الله في المسألة الثالثة والثلاثين أبطل قول الكوفيين بأن الصفة الصالحة لأن تكون خبرا إذا كان معها ظرف مكرّر وجب نصب هذه الصفة حتى يكون أحد الظرفين خبرا والآخر حالا، إذ لو جوزنا فيها الرفع لكانت هي الخبر، ويكون الظرفان حالين؛ فلا تكون في أحد الظرفين فائدة جديدة، وحمل الكلام على إفادة فائدة جديدة أولى، فأبطل هذا الكلام بقوله "هذا فاسد؛ وذلك لأنه وإن كانت الأولى تفيد ما أفادته الثانية إلا أن ذلك لا يدل على بطلان فائدة الثانية؛ لأن من مذاهب العرب أن يؤكد اللفظ بتكريره.... إلخ" فما الذي حدث ههنا حتى ذهل عن أن من مذاهب العرب أن يؤكد اللفظ بتكريره بلفظه أو بمرادفه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>