للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد "إذ هي" فحذف الياء؛ فدل على أن الاسم هو الهاء وحدها، وإنما زادواالواو والياء تكثيرًا للاسم، كراهية أن يبقى الاسم على حرف واحد، كما زادواالواو في قولهم: "ضربتهُو، وأكرمتهُو" وإن كانت الهاء وحدها هي الاسم، فكذلك ههنا.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن الواو والياء أصل أنه ضمير منفصل، والضمير المنفصل لا يجوز أن يبنى على حرف واحد؛ لأنه لا بد من الابتداء بحرف والوقف على حرف؛ فلو كان الاسم هو الهاء وحدها لكان يؤدِّي إلى أن يكون الحرف الواحد ساكنًا متحركًا، وذلك محال؛ فوجب أن لا تكون الهاء وحدها١ هي الاسم.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إن الواو والياء تحذفان في التثنية نحوهما" قلنا: إن "هما" ليس بتثنية على حدّ قولك في زيدٍ زيدان وعمرو عمران، وإنما هما صيغة مرتجلة للتثنية كأنتما، ألا ترى أنه لو كان تثنية على حدّ قولهم "زيدان، وعمران" لقالوافي تثنية هو "هُوانِ" وفي تثنية أنت "أنتان" ولكان يجوز أن يدخل عليهما الألف واللام فيقال "الهُوَان، والأَنْتَانِ" كما يقال:


= الموحدة –اسم موضع بعينه. ومحل الاستشهاد قوله "إذه" فقد ادعى الكوفيون أن مجيء الهاء وحدها مرادًا بها "هي" يدل على أن الياء في "هي" زائدة، وأن أصل الكلمة الهاء وحدها، والبصريون يردون ذلك ويأبونه، وهم في الرد عليهم ينهجون أحد منهجين، الأول أن يقولوا: إن مجيء الهاء وحدها في مكان "هي" و"هو" ضرورة من الضرورات التي تباح للشاعر إذا ألجأه قصد إقامة الوزن أو الرويّ، أما في حال السعة والاختيار فلا يجوز ذلك، وهذا المنحى هو الذي انتحاه شيخ البصريين سيبويه رحمه الله، ومنهم من حكى في "هو" و"هي" لغات يتكلم بكل واحدة منها قبيلة أو أكثر من قبائل العرب، وهذا هو المنحى الذي انتحاه الكسائي فيما نقلناه عن ابن منظور عنه في شرح الشاهد السابق؛ وقد ذهب إلى مثل كلامه ابن يعيش في شرح المفصل "٤١٧" قال: وذهب الكوفيون إلى أن الاسم الهاء وحدها؛ واحتجوالذلك بحذف الياء في نحو قوله.
دار لسعدى إذه من هواكا
وليس في ذلك حجة؛ لأن ذلك من ضرورات الشعر، وفيها ثلاث لغات: هي بتخفيف الياء وفتحها؛ وهي بتشديد الياء مبالغة في تقوية الاسم ولتصير على أبنية الظاهر؛ وهي بالإسكان تخفيفًا؛ وينبغي أن يكون الحذف في قوله:
إذه من هواكا
على لغة من أسكن لضعفها؛ إذ المفتوحة قد قويت بالحركة" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>