الزيدان، والعمران، فلما لم يقولواذلك دلّ على أنها صيغة مرتجلة للتثنية، وعلى أنه لو كان الأمر كما زعمتم فليس لكم فيه حجة؛ لأن الحرف الأصلي قد يحذف لعلة عارضة، ألا ترى أن الياء تحذف في الجمع في نحو قولهم:"قاضُون، ورامُون" والأصل قاضِيُون، ورامِيُون، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة عنها؛ فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة، فاجتمع ساكنان، وساكنان لا يجتمعان؛ فحذفت الياء لالتقاء الساكنين وإن كانت أصلية لعلة عارضة، فكذلك ههنا، والعلة ههنا في إسقاطهما أن الواو التي قبل الميم في التثنية والجمع يجب أن تكون مضمومة، والضمة في الواو مستثقلة؛ فلذلك سقطت، وإنما وجب أن تكون مضمومة لأنها لو كسرت لكان ذلك مستثقلًا من وجهين.
أحدهما: لأنه خروج من ضم إلى كسر، وذلك مستثقل، ولهذا ليس في الأسماء ما هو على وزن فُعِل إلا "دُئِل" اسم دُوَيْبَّة و"رُئِم" اسم للسَّهِ، وهما في الأصل فعلان نقلا إلى الاسمية، وحكى بعضهم "وُعِلٌ" في الوَعِل.
والثاني: أن الكسرة تستثقل على الواو أكثر من استثقال الضمة عليها؛ ولهذا تضم لالتقاء الساكنين في نحو قوله:{اشْتَرَواالضَّلالَةَ بِالْهُدَى}[البقرة: ١٦] ولا تكسر إلا على وجه بعيد، ولو بقيت الواو من "هو" كما كانت مفتوحة وقد زيد عليها الميم والألف لَتُوُهِّمَ أنها حرفان منفصلان؛ فوجب أن تغير الحركة التي كانت مستعملة في الواحد إلى الضم كما غيرت في "أنتما" ووجب أيضا ذلك في "أنتما" لأنها لو فتحت وكسرت لجاز أن يتوهم أنها كلمتان منفصلتان، فاجتلبواحركة لم تكن في الواحد لتدل على أنها كلمة واحدة، وأَجْرُواجميع المضمر في التثنية والجمع هذا المُجْرَى.
وقيل: إنما ضُمَّتْ التاء في التثنية حملا على الجمع؛ لأنها في التقدير كأنها وليت الواو في "أنتمو" وإنما حملت التثنية على الجمع ليشتركا في ذلك كما اشتركا في الضمير في "نحن" وزيدت الميم في التثنية لوجهين:
أحدهما: أن التثنية أكثر من الواحد، وفي المضمرات ما هو على حرف واحد، فكثر اللفظ كما كثر العدد؛ فلذلك زيد في التثنية حرف، وحمل جميع المضمرات عليه.
والثاني: أن القافية فيه إذا كانت مطلقة وحرف الرويّ مفتوح وُصِلَ بالألف، ولهذا يسمى ألف الوصل والصِّلَة، قال الشاعر:
[٢٠٤]
يا مُرَّ يا بن واقعٍ يا أَنْتَا ... أنت الذي طَلّقْتَ عَامَ جُعْتَا