للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما اقتصر به من الأسماء على الظرفية نحو "ذاتَ مرة، وبُعَيْدَاتٍ بين" ونوعًا من المصادر نحو "سُبْحَان، ومَعَاذَ". وليس "إيا" ظرفًا ولا مصدرًا فيلحق بهذه الأسماء.

وأما ما حكي عن الخليل من قولهم: "إذا بَلَغَ الرجل الستِّين فإياه وإيّا الشَّوَابّ" فالذي ذكره سيبويه في كتابه أنه لم يسمع ذلك من الخليل، وإنما قال: وحدثني مَنْ لا أتهم عن الخليل أنه سمع أعرابيًّا يقول: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وأيّا الشّواب، وهي رواية شاذة لا يعتد بها، وكأنه لما رأى آخره يتغير كتغير المضاف والمضاف إليه أجراه مجراه.

ثم هذه الرواية حجّة على من يزعم أنه اسم مظهر خُصّ بالإضافة إلى المضمرات؛ لأنه أضاف "إيّا" إلى "الشواب" وهو اسم مظهر.

والذي يدلّ على أنه ليس باسم مُظْهَر أنه لو كان الأمر كذلك لوجب أن يجوز أن يقال: ضربت إياك، كما يقال: ضربت زيدًا؛ فلما لم يجز ذلك دلّ على أنه ليس باسم مظهر.

فأما قول الشاعر:

[٤٣٨]

بالباعث الوارث الأموات قد ضَمِنَتْ ... إيّاهُمُ الأرض في دَهْرِ الدَّهَارِيرِ


[٤٣٨] هذا البيت للفرزدق همام بن غالب، من قصيدة له يمدح فيها يزيد بن عبد الملك بن مروان "الديوان ص٢٦٢-٢٦٧" وليس لأمية بن أبي الصلت كما قال ابن جني، وقبل البيت المستشهد به قوله:
يا خير حيّ وقت نعل له قدما ... وميت بعد رسل الله مقبور
إني حلفت، ولم أحلف على فند، ... فناء بيت من الساعين معمور
في أكبر الحج حاف غير منتعل ... من حالف محرم بالحج مصبور
والبيت من شواهد الأشموني "رقم ٤٧" وابن عقيل "رقم ١٥" وأوضح المسالك "رقم ٢٣" وابن جني في الخصائص "١/ ٣٠٧ و٢/ ١٩٥" ورضي الدين في باب الضمير من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٢/ ٤٠٩" وابن الناظم في باب الضمير من شرح الألفية، وشرحه العيني "١/ ٢٧٤ بهامش الخزانة" ومحل الاستشهاد من البيت قوله: "ضمنت إياهم الأرض" حيث جاء بالضمير منفصلا مع أنه في موضع يمكن الإتيان به متصلا فيقال: "ضمنتهم الأرض" والذي صنعه الشاعر في بيت الشاهد مما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، ومثل هذا البيت قول الشاعر، وينسبونه إلى طرفة بن العبد البكري، ولكنه غير موجود في ديوانه:
أصرمت حبل الوصل؟ بل صرموا ... يا صا ح، بل قطع الوصال هم
وبين هذا البيت والبيت المستشهد به فرق من جهتين: الجهة الأولى أن الضمير في هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>