للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما استدلالهم على أن "إيا" عماد بلحاق التثنية والجمع لما بعدها فيبطل بأنت؛ فإنا أجمعنا على أن الضمير منه "أن" والتثنية والجمع يلحقان ما بعده وهو التاء، ولا خلاف أن "أن" ليست عمادا للتاء، وأن التاء ليست هي الضمير، فكذلك ههنا؛ وهذا لأن الحروف إذا زيدت للدلالة على الأشخاص جاز أن تلحقها علامة التثنية والجمع؛ لأنها لما كانت دلالة على المخاطب والغائب والمتكلم لم يكن بُدٌّ من لحاق علامة التثنية والجمع بها.

على أنا نقول: إن "إياكما، وإياكم" ليس بتثنية لمفرد ولا جمع على حد التثنية والجمع، وإنما "إياكما" صيغة مرتجلة للتثنية، و"إياكم" صيغة مرتجلة للجمع، وكذلك "أنتما، وأنتم" ليس بتثنية ولا جمع على حد التثنية والجمع، وإنما "أنتما" صيغة مرتجلة للتثنية، و"أنتم" صيغة مرتجلة للجمع، وكذلك حكم كل اسم مضمر واسم إشارة واسم صِلَةٍ. وسنبين هذا في اسم الصلة مستقصى إن شاء الله تعالى.

وأما مَنْ ذَهَبَ إلى أنه بكماله المضمر فليس بصحيح، وذلك لأن الكاف في "إياك" بمنزلة التاء في "أنت".

والذي يدل على ذلك أن الكاف في إياك" تفيد الخطاب، كما أن التاء في "أنت" تفيد الخطاب، وأن فتحة الكاف تفيد المذكر، كما أن فتحة التاء في "أنت" تفيد خطاب المذكر، وأن كسرة الكاف تفيد خطاب المؤنث، كما أن كسرة التاء تفيد خطاب المؤنث، فكما أن التاء ليست من المضمر الذي هو "أن" في "أنت" وإنما هي لمجرد الخطاب، ولا موضع لها من الإعراب؛ فكذلك الكاف ليست من المضمر الذي هو "إيا" في "إياك" وإنما هي لمجرد الخطاب، ولا موضع لها من الإعراب، وإذا لم تكن الكاف في "إياك" من المضمر كما لم تكن التاء في "أنت" من المضمر، واستحال أن يقال إنَّ "أنت" بكماله هو المضمر؛ فكذلك يستحيل أن يقال إن "إياك" بكماله هو المضمر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>