ألا ليت شعري هل أقولن لبغلتي: ... عدس، بعد ما طال السفار وكلت وهو مبني على السكون، وربما أعربه الشاعر إذا اضطر، وكما قال بشر بن سفيان الراسبي: فالله بيني وبين كل أخ ... يقول: أجذم، وقائل: عدسا وربما سموا البغل نفسه عدس، ومنه قول الراجز: إذا حملت بزتي على عدس ... على التي بين الحمار والفرس فلا أبالي من غزا ومن جلس وقوله في بيت الشاهد: "ما لعباد" أراد به عباد بن زياد والي سجستان في عهد معاوية بن أبي سفيان، وكان يزيد قد هجا عبادًا، ثم أخذه عبيد الله بن زياد أخو عباد فحبسه وعذبه وردّه إلى أخيه عباد، فلما بلغ معاوية ذلك أمر بإخلاء سبيله "إمارة" أي حكم وسلطان "طليق" حر لا يد لأحد عليه؛ لأنه قد أطلق سراحه. ومحل الاستشهاد من البيت قوله "وهذا تحملين طليق" فإن الكوفيين والفراء ينشدون هذا البيت للاستدلال به على أن "هذا" اسم موصول بمعنى الذي، وهو مبتدأ، وجملة "تحملين" لا محل لها من الإعراب صلة الموصول؛ وطليق: خبر المبتدأ، وكأنه قد قال: والذي تحملينه طليق، قال الفراء: "العرب قد تذهب بذا وهذا إلى معنى الذي؛ فيقولون: من ذا يقول ذلك، في معنى: من الذي يقول، وقال يزيد بن مفرغ: عدس ما لعباد.... البيت كأنه قال: والذي تحملين طليق" ا. هـ كلامه، ولم يمنعهم من اعتبار ذا موصولة اقتران ها التنبيه بها ولا عدم تقدم ما أو من الاستفهاميتين عليها، مع أن المثال الذي ذكر الفراء أن العرب تقوله قد تقدم فيه على ذا من الاستفهامية ولم يقترن بها فيه حرف التنبيه؛ وأنكر البصريون صحة الاستدلال بهذا البيت على ما ذهب إليه الفراء والكوفيون، ولهم في تخريج البيت ثلاثة تخريجات؛ الأول أن يكون هذا اسم إشارة مبتدأ، وخبره قوله طليق، وجملة تحملين في محل نصب حال من الضمير المستتر في طليق، وكأنه قد قال: وهذا طليق حال كونه محمولا عليك، والثاني: أن يكون هذا اسم إشارة مبتدأ خبره محذوف وجملة تحملين في محل رفع صفة لذلك الخبر المحذوف، وطليق خبر ثان، وكأنه قد قال: وهذا رجل تحملينه طليق، والثالث: أن يكون هذا اسم إشارة مبتدأ، وله نعت هو اسم موصول محذوف وجملة تحملين لا محل لها صلة، وطليق خبر المبتدأ، وكأنه قد قال: وهذا الذي تحملينه طليق.