للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد مَنْ أثرى ومن أقتر، فحذف للضرورة، فكذلك ههنا.

على أنه يجوز عندكم حذف الاسم الموصول في غير ضرورة الشعر؛ ولهذا ذهبتم إلى أن التقدير في قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ} [النساء: ٤٦] من يحرفون، فحذف "من" وهو الاسم الموصول، وكذلك ذهبتم إلى أن التقدير في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] أي: الذي يحمل أسفارا، وإذا جاز هذا عندكم في القرآن ففي ضرورة الشعر أولى؛ فلا يكون لهم فيه حجة، والله أعلم.


= حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه:
أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء؟
التقدير: أمن يهجو رسول الله ومن يمدحه وينصره سواء؟ ولا يجوز أن تجعل جملة يمدحه وجملة ينصره معطوفتين على جملة يهجو رسول الله؛ لأنه يلزم عليه أن يكون الذي يهجوه والذي يمدحه واحدا، وهذا غير صحيح، ونظير ذلك قول الآخر:
ما الذي دأبه احتياط وحزم ... وهواه أطاع يستويان
التقدير: ما الذي دأبه احتياط وحزم والذي أطاع هواه، والقول في لزوم هذا التقدير كالقول الذي ذكرناه في بيت حسان.
واعلم أن حذف الموصول وإبقاء صلته قد أجازه الكوفيون والأخفش، واتبعهم ابن مالك في بعض كتبه، واشترط في بعض كتبه لجواز هذا الحذف أن يكون لموصول المحذوف معطوفًا على موصول آخر، وسائر البصريين لا يقرّون ذلك، ويجعلون الحذف من ضرورات الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>