للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك ههنا، وهذا هو الجواب عن قول الآخر:

[٤٥٧]

.................. ولكن ... مرحبًا بالرِّضَا منك وأَهْلَا

لأن "الرضاء" مصدر راضيته مُرَاضاة ورضاء، فلا يكون فيه حجة.

وأما قولهم: "إنه يجوز إشباع الحركات فتنشأ عنها الحروف -إلى آخر ما ذكروه" فنقول: الفرق بينهما ظاهر، وذلك أن إشباع الحركات هناك يؤدِّي إلى تغيير واحد، وهو زيادة هذه الحروف فقط، وأما ههنا فإنه يؤدي إلى تغييرين: زيادة الألف الأولى، وقلب الثانية همزة؛ وليس من ضرورة أن يجوز ما يؤدي إلى تغيير واحد أن يجوز ما يؤدي إلى تغييرين وأكثر من ذلك.

وأما ما ذهب إليه الفراء -من اشتراطه في قصر الممدود أن يجيء في بابه مقصور- فباطل، لأنه قد جاء القصر فيما لم يجئ في بابه مقصور، قال الشاعر:

[٤٦٠]

والقارح العدَّاء وكل طِمِرَّةٍ ... ما إن تنال يد الطويل قَذَالَهَا

فقصر "العداء" وهو فَعَّال من العَدْو، وفعَّال لتكثير الفعل، نحو


= مقصور، فإذا صحت رواية هذه القراءة دل على جواز مد المقصور في سعة الكلام، ولم يقصر الجواز على الضرورة.
[٤٦٠] هذا هو البيت السادس والعشرون من قصيدة للأعشى ميمون مطلعها قوله "وانظر ديوانه ص٢٢-٢٧":
رحلت سمية غدوة أجمالها ... غضبي عليك، فما تقول بدالها؟
وقبل البيت المستشهد به قوله:
الواهب المائة الهجا وعبدها ... عوذا تزجي بينها أطفالها
وأنشد ابن منظور بيت الشاهد "ع د ا" وعزاه إليه، غير أنه روى عجزه "لا تستطيع يد الطويل قذالها" ورواية الديوان كرواية المؤلف، والعوذ -بضم العين- جمع عائذ، وهي الحديثة النتاج، والقارح: أراد به الفرس الذي اكتمل سنة، والطمرة -بكسر الطاء والميم جميعا مع تشديد الراء- الوثابة، ويقال: هي المشرفة، أي العالية، وهذا هو الذي يتنساب عجز البيت، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "العداء" فإن أصله "العداء" صيغة مبالغة فعلها عدا يعدو، فأصله ممدود قياسي، ولكن الشاعر قصره حين اضطر لإقامة وزن البيت، قال ابن منظور "أراد العداء، فقصره للضرورة، وأراد لا تستطيع يد الطويل نيل قذالها، فحذف للعلم بذلك" ا. هـ. وأراد المؤلف من الاستشهاد بهذا البيت الردّ على الفرّاء الذي اشترط لجواز قصر الممدود أن يكون قد ورد في بابه مقصور، ووجه الرد من هذا البيت أن الشاعر قد قصر "العداء" وهو صيغة مبالغة كما قلنا فعلها عدا يعدو، ولم يأتِ في صيغ المبالغة مقصور حتى يحمل هذا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>