يا رب خال لك من عرينه ... حج على قليص جوينه فسوته لا تنقضي شهرينه والقليص: تصغير القلوص، وهي الناقة الشابة، وجوينة: تصغير جون، والجون من الإبل ومن الخيل أيضا: الأدهم الشديد السواد، وقوله "فسوته.... إلخ" الفسوة بفتح الفاء وسكون السين- ريح يخرج من البطن من غير صوت، والكلام على حذف مضاف، وكأنه قال: نتن فسوته.... إلخ، وشهرينه: منصوب على الظرفية والعامل فيه تنقضي، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنه مثنى، والهاء في آخره للسكت، وقوله "شهري ربيع" بدل من الشهرين، وجماديينه معطوف على شهري ربيع، والهاء في آخره للسكت أيضا. ومحل الاستشهاد هنا قوله "جماديينه" فإنه مثنى جمادى، والألف فيه خامسة، وقد قلبها الراجز ياء، ولم يحذفها، فيكون ردا على الكوفيين الذين ذهبوا إلى أن الاسم المقصور إذا كثرت حروفه سقطت ألفه في التثنية، ونحب أن ننبهك إلى أن الكوفيين لم يذهبوا إلى أن سقوط الألف في تثنية الاسم الذي كثرت حروفه أمر واجب لا يجوز غيره، بل ذهبوا إلى أنه يجوز أن تسقط ألفه ويجوز أن تذكر وتقلب ياء، فلا يرد عليهم بأن العرب قد أبقت الألف وقلبتها ياء في "جماديينه" وفي ألف كلمة أخرى، وقد قالت العرب في تثنية الخوزلي "الخوزلان" بحذف الألف، ولو أبقوها لقالوا: الخوزليان، وقالوا أيضا: خنفسان، وقرفصان، وعاشوران، في تثنية خنفساء، وقرفصاء، وعاشوراء، فحذفوا في التثنية الهمزة والألف التي قبلها، ولو أبقوا ذلك لقالوا: خنفساوان، وقرفصاوان، وعاشوراوان. وقد استشهد الرضي بالبيت على أن من العرب من يفتح نون المثنى بعد الياء، وبعد الألف كما في قول الراجز: أعرف منها الجيد والعينانا ... ومنخرين أشبها ظبيانا [٤٦٣] الاستشهاد من هذا الشاهد في قوله "وجماديين" فإنه مثنى جمادى، والألف فيه خامسة، ولم يحذفها الشاعر، بل قلبها ياء على قاعدة أن الألفات إذا كانت رابعة فأكثر قلبت ياء مطلقا، وهذا -فيما زعم المؤلف- يرد على مذهب الكوفيين الذين يقولون: إن المقصور إذا كانت حروفه كثيرة جاز حذف هذه الألف عند التثنية، وإن الممدود إذا كانت همزته بعد حروف كثيرة جاز حذف هذه الهمزة والألف التي قبلها، وقد بينا لك في شرح الشاهد =