للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أودى" ولم يقل "أَوْدَتْ"؛ لأن الحوادث في معنى الحَدَثَانِ، وقال الآخر:

[٤٧٠]

أَلَا هَلَكَ الشِّهَابُ المُسْتَنِيرُ ... ومِدْرَهُنَا الكَمِيُّ إذا نُغِيرُ


[٤٧٠] أنشد بن منظور هذين البيتين "ح د ث" من غير عزو، والمدره -بسكر الميم وسكون الدال وفتح الراء- السيد الشريف والمقدم في اللسان واليد عند الخصومة والقتال، وقيل: هو رأس القوم والمدافع عنهم، وقيل: زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم والذي يرجعون إلى رأيه، وكل هذه عبارات متقاربة، وقال الشاعر:
وأنت في القوم أخو عفة ... ومدره القوم غداة الخطاب
والكمي -بفتح الكاف وكسر الميم وتشديد الياء- الشجاع المتكمي في سلاحه، أي المستتر فيه، وكان من عادة الفرسان إذا كان عليهم ثارات أن يتكموا في السلاح مخافة أن يأخذهم أحد من ذوي الثارات غدرا، ونغير: من الغارة وهي الهجوم على العدو وقوله "وحمال المئين.... إلخ" وصفه بالكرم بعد وصفه بالشجاعة واللسن، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله "ألمت بنا الحدثان" حيث ألحق تاء التأنيث بالفعل المسند إلى الحدثان، مع أن الحدثان مذكر، لأن الحدثان يطلق عليه لفظ الحوادث، والحوادث مؤنث لكونه جمع حادثة، فقد راعى الشاعر معنى الحدثان وألحق به التاء بناء على هذا المعنى، والواقع في هذا البيت عكس الواقع في البيت السابق كما سمعت في كلام ابن منظور وهذا ظاهر.
ونظيره قول أبي ذؤيب وهو من شواهد سيبويه "١/ ٢٣٨":
بعيد الغزاة فما إن يزال ... مضطمرا طرّتاه طليحا
والشاهد فيه قوله "مضطمرا طرتاه" حيث حذف التاء من الوصف الذي هو مضطمر مع أنه مسند إلى مثنى مؤنث -وهو قوله "طرتاه"- وذلك لأن الطرة يطلق عليه الجانب، والجانب مذكر، ونظيره قول الفرزدق، وهو من شواهد سيبويه أيضا:
وكنا ورثناه على عهد تبع ... طويلا سواريه شديدا دعائمه
ومحل الشاهد منه قوله: "طويلا سواريه" وقوله: "شديدا دعائمه" حيث حذف التاء من الوصفين، مع أن كل واحد من فاعلي الوصفين جمع تكسير مفرده مؤنث فمفرد الدعائم دعامة ومفرد السواري سارية، ويجري في هذا ما ذكرناه لك في شرح الشاهد ٤٦٩.
وقال ابن منظور: "الأزهري: وربما أنثت العرب الحدثان يذهبون به إلى الحوادث وأنشد الفراء هذين البيتين:
ألا هلك الشهاب المستنير.... البيتين
قال: وقال الفراء: تقول العرب: أهلكتنا الحدثان" ا. هـ.
واستمع إلى كلام ابن يعيش فإنه يقرر ما ذكرناه لك من رأينا في هذا التخريج، قال "ص٦٩٩" واعلم أن الجموع تختلف، فما كان من الجمع مكسرا فأنت مخير في تذكير فعله وتأنيثه، نحو قام الرجال وقامت الرجال، من غير ترجيح، لأن لفظ الواحد قد زال بالتكسير، وصارت المعاملة مع لفظ الجمع؛ فإن قدرته بالجمع ذكرته، وإن قدرته =

<<  <  ج: ص:  >  >>