للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال "بارد" لأنه حمل العشية على معنى العَشِيِّ. وقال الآخر:

[٤٧٣]

وإنَّ كلابا هذه عَشْرُ أَبْطُنٍ ... وأنت بريء من قبائلها العَشْرِ

فقال "عشر أبطن" ولم يقل "عشرة" لأن البطن بمعنى القبيلة، وقال الآخر:

[٤٧٤]

وقائع في مضر تسعةٌ ... وفي وائلٍ كانت العاشرة


= وبارد وبرود، وقال الجوهري: برد الشيء -بالضم- وبردته أنا فهو مبرود، وبرّدته تبريدا. ومحل الاستشهاد من البيت قوله: "والعشية بارد" حيث أخبر عن العشية وهي مؤنثة ببار، وأسقط تاء التأنيث، وقد علمنا أن لحاق تاء التأنيث في مثل هذا الموضع واجب، سواء أكان المؤنث الذي هو مرجع الضمير المستتر هنا في الوصف حقيقي التأنيث أم كان مجازي التأنيث، ولكن الشاعر استساغ أن يسقط تاء التأنيث لأن العشية يطلق عليها عشي، فلحظ المعنى؛ فعامل الفعل كما لو كان مسندا لضمير العشي.
[٤٧٣] أنشد ابن منظور "ب ط ن" هذا البيت من غير عزو، وهو من شواهد سيبويه "٢/ ١٧٤" ونسبه إلى رجل من كلاب، ولم يزد الأعلم في التعريف بقائله عن ذلك، وأنشده ابن الناظم في باب العدد من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٤٨٤" وقال: "قائله رجل من بني كلاب، يسمى النواح" وأنشده ابن جني في الخصائص "٢/ ٤١٧" والأشموني "رقم ١١٢٦" وأبو العباس المبرد في الكامل "١/ ٣٨٨ الخيرية" قال الأعلم "هجا رجلًا ادّعى نسبه في بني كلاب، فذكر أن بطون بني كلاب عشرة، ولا نسب له معلوم في أحدهم" ا. هـ. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله: "عشر أبطن" والأبطن: جمع بطن، والبطن مذكر، فكان ينبغي أن يقول "عشرة أبطن" لأن اسم العدد من ثلاثة إلى عشرة يؤنث مع المذكر ويذكر مع المؤنث، إلا أنه حذف التاء نظرا إلى المعنى، فإنه عنى بالبطن القبيلة، بدليل قوله فيما بعد "من قائلها العشر" والقبيلة مؤنثة، فاسم العدد معها يكون مذكرا، قال ابن جني "وذهب بالبطن إلى القبيلة، وأبان ذلك بقوله: من قبائلها" ا. هـ، وقال الأعلم "الشاهد فيه تأنيث الأبطن وحذف الهاء من العدد المضاف إليها حملًا على معنى القبائل، لأنه أراد بالبطن القبيلة، وقد بيّن ذلك بقوله: من قبائلها العشر" ا. هـ، وقال ابن منظور "فأما قوله:
وإن كلابا هذه ...
فإنه أنث على معنى القبيلة، وأبان ذلك بقوله من قبائلها العشر" ا. هـ.
[٤٧٤] الوقائع: جمع وقيعة، وهي مثل الموقعة والواقعة والوقعة، كلهن يطلق على المعركة التي تدور بين فئتين من الناس ومحل الاستشهاد من البيت قوله: "تسعة" فإنه أنث اسم العدد، والمعدود به مؤنث، ومن حق العربية عليه أن يأتي باسم العدد مذكرا فيقول: "وقائع في مضر تسع" إلا أن العرب تطلق على الموقعة "اليوم" ويقولون "أيام العرب" وهم يريدون مواقعها، فلذلك أنث اسم العدد لأنه أراد بالوقائع الأيام، والأيام مذكرة. هذا بيان كلام المؤلف وإيضاحه، ولي في هذا الموضوع رأي يصير به كلام الشاعر صحيحا من غير حاجة إلى تأويل ولا حمل على المعنى، وملخص هذا الرأي =

<<  <  ج: ص:  >  >>