للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال "تِسْعَة" ولم يقل "تِسْعٌ" لأنه حمل الوقائع على الأيام، يقال: فلان عالم بأيام العرب، أي بوقائعها، وقال الآخر: وهو عمر بن أبي ر بيعة:

[٤٧٥]

وكان مِجَنِّي دون من كنت أتقي ... ثلاثُ شُخُوصٍ كَاعِبَانِ ومُعْصِرُ


= أنك في ذكر العدد ومعدوده إما أن تذكرهما على طريقة العدد فتضيف اسم العدد إلى معدوده فتقول: عندي عشرة رجال أو لي بأس، وعندي عشر نساء ذوات خفر، وفي هذه الحال يجب مراعاة ما قاله النحاة في باب العدد فتذكر اسم العدد مع المعدود المؤنث وتؤنث اسم العدد مع المعدود المذكر كما سمعت في المثالين، وإما أن تأتي بالعدد ومعدوده على طريق الوصف فتقول: هؤلاء رجال عشر، وأولئك نساء عشرة، وفي هذه الحال يتنازعك أصلان: أحدهما أصل العدد ومعدوده الذي بيناه، وثانيهما النعت ومنعوته، وهذا يستلزم تأنيث النعت إذا كان منعوته مؤنثا وتذكير النعت إذا كان منعوته مذكرا، وأنت بالخيار بين أن تستجيب لأي الأصلين، نعني أنه يجوز لك أن تراعي قاعدة العدد والمعدود فتذكر اسم العدد مع المعدود المؤنث فتقول: النساء العشر وتؤنث العدد مع المعدود المذكر فتقول: الرجال العشرة، ويجوز لك أن تراعي قاعدة النعت مع منعوته فتذكر اسم العدد مع المنعوت المذكر فتقول: الرجال العشر، وتؤنث مع المؤنث فتقول: النساء العشرة، وعلى هذا يكون قول الشاعر "وقائع في مضر تسعة" قد جاء على أحد الطريقين الجائزين له، وهو طريق النعت مع منعوته.
[٤٧٥] هذا البيت هو السادس والخمسون من رائيه عمر بن أبي ربيعة الطويلة "انظر الديوان ٩٢-١٠٣ بتحقيقنا" ومنها الشاهد ٣٨٠ الذي سبق في المسألة رقم ٨١، وهذا البيت من شواهد سيبويه "٢/ ١٧٥" ورضي الدين في باب العدد من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٣١٢" وابن جني في الخصائص "٢/ ٤١٧" والأشموني "رقم ١١٢٥" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٥٢٤" وابن الناظم في باب العدد من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٤٨٣ بهامش الخزانة" والمجنّ بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون -أصله اسم الآلة من "جنّة يجنّه" إذا ستره وأخفاه، وسموا الترس مجنًّا لأنه يستر بدن المحارب، والكاعب من النساء: هي الجارية حين يبدو ثديها للنهود والاكتناز، والمعصر: الجارية أول ما أدركت زمن البلوغ. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله: "ثلاث شخوص" حيث أتى باسم العدد مذكرا مع أنه مضاف إلى معدود مذكر، ولو أنه أتى به على وفق ما يقتضيه الاستعمال العربي لقال "ثلاثة شخوص" بالتاء، لما ذكرنا لك من العلة في شرح الشواهد السابقة، ولكنه لحظ المعنى، ذلك بأنه أراد بالشخوص هنا نساء بدليل تفصيلهن بقوله: "كاعبان ومعصر" ولو أنه ذكرها بلفظ النساء لكان يقول: "ثلاث نساء" فلما أراد بالشخوص النساء عاملها معاملة ما هو بمعناها، قال ابن جني "أنّث الشخص لأنه أراد به المرأة" ا. هـ. وقال الأعلم "الشاهد في قوله ثلاث شخوص بحذف الهاء حملًا على المعنى؛ لأنه أراد بالشخص المرأة، فأنّث العدد لذلك" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>