للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال "ثلاث" ولم يقل "ثلاثة" لأنه عَنَى بالشخوص نِساءً، فحمله على المعنى، وقال الآخر، وهو الحطيئة:

[٤٧٦]

ثلاثة أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ ... لقد جَارَ الزَّمَانُ على عِيَالي

فقال "ثلاثة أنفس" ولم يقل "ثلاث" حملًا على المعنى، وقال القَتَّالُ الكلابي:

[٤٧٧]

قَبَائِلُنَا سَبْعٌ، وأَنْتُم ثلاثةٌ ... وللسَّبْعُ خيرٌ من ثلاثٍ وأكثرُ


[٤٧٦] هذا البيت من كلام الحطيئة، وقبله:
أذئب القفر أم ذئب أنيس ... أصاب البكر، أم حدث الليالي؟
وهو من شواهد سيبويه "٢/ ١٧٥" ورضي الدين في باب العدد من شرح الكافية وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٣٠١" والأشموني "رقم ١١٢٧" وابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٥٢٣" وابن الناظم في باب العدد من شرح الألفية، وشرحه العيني "٤/ ٤٨٥ بهاشم الخزانة" والذّود -بفتح الذال المعجمة وسكون الواو وآخره دال مهملة- هو اسم جمع يطلق على ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل، وليس له واحد من لفظه، وفي مثل من أمثال العرب "الذود إلى الذود إبل" يعنون أن القليل يضم إلى القليل فيصير كثيرًا، يضرب في الحثّ على التدبير، والنحاة يستشهدون من هذا البيت في موضعين:
أما الموضع الأول ففي قوله: "ثلاث أنفس" حيث أتى بلفظ العدد مقترنًا بالتاء مع أنه مضاف إلى معدود مؤنث، وهو الأنفس الذي هو جمع نفس، والدليل على أن النفس مؤنثة قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] إلا أن النفس قد يطلق عليها لفظ شخص والشخص مذكر، فلحظ الشاعر ذلك وعبر بالأنفس وهو يريد الأشخاص؛ فلذلك أتى باسم العدد كما يأتي به مع المعدود المذكر، ولو راعى لفظ المعدود الذي ذكره لقال "ثلاث أنفس" قال الأعلم "الشاهد في تذكير الثلاثة وإن كانت النفس مؤنثة لأنه حملها على الشخص وهو مذكر" ا. هـ، وهذا الموضع هو الذي يعينه المؤلف هنا من الاستشهاد بهذا البيت.
والموضع الثاني: في قوله: "وثلاث ذود" حيث أضاف لفظ العدد إلى اسم الجمع الذي هو الذود، والأصل أن يضاف اسم العدد إلى جمع تكسير من جموع القلة، فإن لم يكن للمفرد جمع تكسير من جموع القلة انتقل إلى جمع تكسير من جموع الكثرة، وأنت خبير أن اسم الجمع ليس له واحد من لفظه، وبأن الجمع لا بد أن يكون على زنة من أوزان الجمع المعروفة، واسم الجمع لا يكون على إحدى هذه الأوزان غالبًا، وفي الحديث "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" ونظيره قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [النمل: ٤٨] .
[٤٧٧] هذا البيت من شواهد سيبويه "٢/ ١٧٥" ونسبه إلى القتال الكلابي، وأقر الأعلم هذه النسبة، والقبائل: جمع قبيلة، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله: "وأنتم ثلاثة" مع أنه يريد أن يقابلهم بنفسه، فهو يريد أن يقول: نحن سبع قبائل وأنتم ثلاث قبائل، فكان ينبغي أن يقول: وأنتم ثلاث، إلا أن القبيلة قد يطلق عليها لفظ البطن كما تطلق القبيلة على

<<  <  ج: ص:  >  >>