للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاجتماع المثلين، وإذا اجتمع ههنا ثلاثة أمثال الياء والواو والكسرة ولم يمكن الإدغام لأن الأول متحرك ومن شرط المدغم أن يكون ساكنا، فلما لم يمكن التخفيف بالإدغام وجب التخفيف بالحذف، فقيل: يعد ويزن، وحملوا "أعد ونعد وتعد" على "يعد" لئلا تختلف طرق تصاريف الكلمة، على ما سنبينه في الجواب إن شاء الله تعالى.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إنما حذفت الواو من هذا النحو للفرق بين الفعل اللازم والمتعدي، فبقَّوُا الواو في اللازم وحذفوها من المتعدي" قلنا: هذا باطل؛ فإن كثيرا من الأفعال اللازمة قد حذفت منها الواو، وذلك نحو "وكَفَ البيت يَكِفَ، وونمَ الذباب يَنٍمُ، ووجد في الحزن يجد" إلى غير ذلك. والأصل فيها: وكف يَوْكِفُ، وونَمَ يَوْنِمُ، ووجد يَوْجِدُ، وكلها لازمة، ولو كان الأمر على ما زعمتم لكان يجب أن لا تحذف منه الواو، فلما حذفت دلّ على أنه إنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، ولا نَظَرَ في ذلك إلى اللازم والمتعدي.

وأما "وجل يوجل، ووحل يوحل" فإنما لم تحذف منه الواو لأنه جاء على يَفْعَلُ بفتح العين، كعلم يعلم، فلم تقع الواو فيه بين ياء وكسرة، وإنما وقت بين ياء وفتحة، وذلك لا يوجب حذفها، وأما حذفهم لها من قولهم "ولغ يلغ"، وإن كانت قد وقعت بين ياء وفتحة فلأن الأصل فيه يَفْعِلُ بكسر العين كضرب يضرب، وإنما فتحت العين لوقوع حرف الحلق لامًا؛ فإن حرف الحلق متى وقع لامًا من هذا النحو فإن القياس يقتضي أن يفتح العين منه، نحو: قرأ يقرأ، وجبه يَجْبَهُ، وسَدَحَ يسدح، وشدخ يشدخ، وجمع يجمع، ودمع يدمغ، إلا ما جاء على الأصل نحو: نطح الكبش ينطح؛ ونبح الكلب ينبح، وكذلك أيضا إذا وقع حرف الحلق عينا فإنه يقتضي فتح العين أيضا، نحو: سأل يسأل، وجهد يجهد، ونحر ينحر، وفخر يفخر، ونعب ينعب، وفغر يفغر، إلا ما جاء على الأصل، نحو: نعق ينعق؛ فدل على أن "وجل يوجل" لا حجة لهم فيه. وفي وجل يوجل أربع لغات: أحدها تصحيح الواو، وهي اللغة المشهورة، واللغة الثانية "ياجَلُ" فتقلب الواو ألفا لمكان الفتحة قبلها وفرارًا من اجتماع الياء والواو إلى الألف، واللغة الثالثة قلب الواو ياء نحو "يَيْجَلُ" وذلك على طريقة سيد وميت وإن لم يمكن الإدغام لتحرك الأول، واللغة الرابعة "ييجل" بكسر الياء؛ لأنهم أرادوا أن يقلبوا الواو ياء فكسروا ما قبلها ليجري قلبها على سنن القياس في نحو ميعاد وميزان وميقات، والأصل فيها موعاد، وموزان، وموقات؛ لأنها من الوعد والوزن والوقت، إلا أن الواو لما

<<  <  ج: ص:  >  >>