للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكنت وانكسر ما قبلها قلبوها ياء، فكذلك ههنا: لمَّا لم يمكن الإدغام لما ذكرنا وكانت الواو تقلب في نحو سيد لإمكانه أحبوا أن يقلبوا الواو بسبب يستمر له القلب وهو كسر ما قبلها.

وأما قولهم "إنها لو كانت قد حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة لكان ينبغي أن لا تحذف من "أعد، وتعد، ونعد"؛ لأنها لم تقع بين ياء وكسرة" قلنا: إنما حذفت ههنا وإن لم تقع بين ياء وكسرة حملا لحروف المضارعة -التي هي الهمزة والنون والتاء- على الياء، لأنها أخوات١، فلما حذفت الواو مع أحدها للعلة التي ذكرناها حذفت مع الآخر لئلا تختلف طُرُقُ تصاريف الكلمة، ليجرى الباب على سَنَن واحد، وصا ر هذا بمنزلة "أكرم" والأصل فيها "أأكرم" إلا أنهم كرهوا اجتماع همزتين، فحذفوا الثانية فرارًا من اجتماع همزتين طلبًا للتخفيف وكان حذف الثانية أولى من الأولى؛ لأن الأولى دخلت لمعنى والثانية ما دخلت لمعنى فلهذا كان حذف الثانية وتبقيه الأولى أولى. ثم قالوا "نكرم، وتكرم، ويكرم". فحذفوا الهمزة حملًا للنون والتاء والياء على الهمزة طلبا للتشاكل على ما بيّنا.

وأما قولهم "إنه لو كان الحذف لوقوعها بين ياء وكسرة كان يجب الحذف في قولهم "يوعد" ونحوه" قلنا: الجواب عن هذا من وجهين:

أحدهما: أن هذا لا يصلح أن يكون نقضا على "يعد" لأن الواو ههنا ما وقعت بين ياء وكسرة؛ لأن الأصل في "يوعد" بضم الياء يُؤَوْعِد. كما أن الأصل في يُكْرِم يُؤَكْرِم، قال الشاعر:

[١]

فإنه أهل لأن يؤكرما

فلما كان الأصل يؤوعد بالهمزة فالهمزة المحذوفة حالت بين الواو والياء لأنها في حكم الثابتة، كما كانت الياء المحذوفة في قول الشاعر:

[٤٨٨]

وكَحَّلَ العينين بالعَوَاوِرِ


[٤٨٨] هذا بيت من مشطور الرجز لجندل بن المثنى الطهوي، ويروون قبله قوله:
غرك أن تقاربت أباعري ... وأن رأيت الدهر ذا الدوائر
حنى عظامي وأراه ثاغري
والبيت من شواهد سيبويه "٢/ ٣٧٤" والزمخشري في المفصل، وابن يعيش في شرحه "١٤٣١" ورضي الدين في شرح شافية ابن الحاجب "رقم ١٧٦" وشرحه البغدادي "ص٣٧٤ بتحقيقنا" وابن جني في الخصائص "١/ ١٩٥ و٣/ ١٦٤ و٣٢٦" وعزاه في المرة الأخيرة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>