للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هي لام ياء؛ لانكسار ما قبلها؛ لأن الواو الأولى مدة زائدة فلم يعتد بها كما لم يعتد بالألف في كِسَاء ورداء لأنها لما كانت زائدة صار حرف العلة الذي هو اللام في كساء ورداء كأنه قد ولي الفتحة كما وليته في عَصًى ورَحًى؛ فكما وجب قلبه في عصًى ورحًى ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله، فكذلك يجب قلب الواو الثانية ههنا ياء لانكسار ما قبلها؛ فصار: قُسُويٌ، وإذا انقلبت الواو الثانية وجب أن تقلب الواو التي قبلها ياء لوقوعها ساكنة قبل الياء؛ لأن الواو والياء متى اجتمعتا والسابق منهما ساكن وجب قلب الواو ياء، وجُعِلت ياء مشددة فصار قُسِيّ، وكسروا أوله لما بعده من الكسرة والياء، فقالوا قِسِيّ كما قالوا عِصِيّ وحِقِيّ، وما أشبه ذلك، وكما غيروا أيضا بالقلب في ذوائب وبالحذف في سَوَاية، وبَلْ أَوْلى؛ لأنهم إذا أزالوا التقارب في ذوائب وأصله ذأائب بأن قلبوا الهمزة واوا فقالوا ذوائب، وحذفوها من سوائية فقالوا سَوَاية؛ فلأن يزيلوا التقارب بأن يقدموا الهمزة إلى أول الكلمة مع بقائها كان ذلك من طريق الأولى، وإذا كانوا قد قلبوا من غير أن يكون فيه خفة فقالوا "أَيِسَ" في يئس، و"بئر مَعِيقة" في عميقة، و"عُقابٌ عَبَنْقَة وبَعَنْقَاة" في عقنباة، و"ما أيطبه" في ما أطيبه، وما أشبه ذلك، مما لا يؤدي إلى التخفيف، فكيف فيما يؤدي إليه؟ فلهذا قلنا وزنها لفعاء.

والذي يدل على أنه اسم مفرد أنهم جمعوه على فعالى فقالوا في جمعه "أشاوى" كما قالوا في جمع صحراء "صحارى" والأصل في صحارى صحاريّ بالتشديد، كما قال الشاعر:

[٤٩٨]

لقد أغدو على أشـ ... ـر يغتال الصحاريا


[٤٩٨] ينسب هذا البيت للوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقد راجعت ديوانه فوجدته فيه "ص٥٦" بيتا مفردا، وهذا البيت من شواهد رضي الدين في باب التأنيث من شرح الكافية، وشرحه البغدادي في الخزانة "٣/ ٣٢٤" وشواهد الرضي أيضا في شرح الشافية "١/ ١٩٤ بتحقيقنا" وشرحه البغدادي مرة أخرى "ص٩٥ بتحقيقنا" وشواهد ابن جني في سر الصناعة "١/ ٩٧" وأغدو: أذهب -أو أخرج، أو أسير- في وقت الغدوة، والغدوة -بضم فسكون- الوقت ما بين الصبح وطلوع الشمس، والأشقر: الذي لونه الشقرة وهي في الخيل الحمرة الصافية، وفي الإنسان حمرة يعلوها بياض، وعنى هنا بالأشقر فرسا، ويغتال: أصل معناه يهلك، واستعاره هنا لمعنى يقطع المسافة الطويلة في سرعة فائقة، والصحارى: جمع صحراء، وهي الأرض الواسعة. ومحل الاستشهاد من هذا البيت هنا قوله "الصحاريا" بتشديد الياء وهذا هو الأصل في جمع هذه الكلمة وما أشبهها، وبيان ذلك أن في صحراء وبيداء وبطحاء وأسماء ألف مدّ قبل آخرها كألف قرطاس ومصباح، وآخرها همزة منقلبة عن ألف التأنيث، فإذا أرادوا جمع هذه الكلمات على صيغة منتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>