للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوسر ومُوقن كان ذلك من طريق الأولى، فلما جمع على فَعَالَى فقيل أَشَاوَى دل على ما قلناه.

والذي يدل على ذلك أيضا أنهم قالوا في جمعه أيضا "أشْيَاوَات" كما قالوا في جمع فعلاء فعلاوات، نحو صحراء وصحراوات، وما أشبه ذلك، فدل على أنه اسم مفرد معناه الجمع، وليس بجمع على ما بيّنا.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إنه في الأصل على أفعلاء لأنه جمع شيء على الأصل كقولهم لَيّن وأليناء" قلنا: قولكم: إن أصل شيء شَيِّئ مجرد دعوى لا يقوم عليها دليل، ثم لو كان كما زعمتم لكان يجيء ذلك في شيء من كلامهم؛ ألا ترى أن نحو سيْد وهيْن وميْت لما كان مخففا من سيّد وهيّن وميّت جاء فيه التشديد على الأصل مجيئا شائعا، فلما لم يجئ ههنا على الأصل في شيء من كلامهم -لا في حالة الاختيار، ولافي حالة الضرورة- دل على أن ما صرتم إليه مجرد دعوى.

وقولهم: "إن أشياء في الأصل على أفْعِلاء" قلنا: هذا باطل؛ لأنه لو كان كما زعمتم لكان ينبغي أن لا يجوز جمعه على فَعَالَى؛ لأنه ليس في كلام العرب أفْعِلَاء جمع على فعالى، فلما جاز ههنا دل على بطلان ما ذهبتم إليه.

وهذا هو الجواب عن قول الأخفش "إنه جمع شيء بالتخفيف وإنهم جمعوه على أفْعِلاء كما جمعوه على فُعَلاء لأن نظيره نحو سَمْح وسُمَحَاء" فإن فَعْلا لا يكسر على أفْعِلاء، وإنما يكسر على فُعُول وفِعَال، نحو فلوس وكعاب.

والذي يدل على أنه ليس بأفعلاء أنه قال١ في تصغيرها أشَيَّاء، وأفعلاء لا يجوز تصغيره على لفظه، وإنما كان ينبغي أن يُرَدَّ إلى الواحد ويجمع بالألف والتاء، فيقال "شُيَيْئَاتٌ" وإنما لم يجز تصغير أفْعِلاء على لفظه لأن أفعلاء من أبنية الكثرة، والتصغير علم القِلَّة، فلو صغرت مثالا موضوعا للكثرة لكنت قد جمعت بين ضدين، وذلك لا يجوز.

وأما قول من ذهب إلى أنه جمع شَيْء وأنه جمع على أفعال كبَيْت وأبيات فظاهر البطلان؛ لأنه لو كان الأمر على ما زعم لوجب أن يكون منصرفا كأسماء وأبناء.

وأما قوله: "إنما منع من الإجراء لشبه همزة التأنيث" قلنا: فكان يجب أن لا تُجْرَى نظائره نحو أسماء وأبناء وما كان من هذا النحو على وزن أفعال؛ لأنه لا


١ كذا، ولعل الأوفق "أنهم قالوافي تصغيرها.... الخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>