للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢١- مسألة: [القول في "رُبَّ" اسم هو أو حرف؟] ١

ذهب الكوفيون إلى أن "رب" اسم. وذهب البصريون إلى أنه حرف جر.

أما الكوفيون فإنهم احتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه اسم حملا على "كم" لأن "كم" للعدد والتكثير، و"رب" للعدد والتقليل، فكما أن كم اسم فكذلك رب.

والذي يدل على أن رب ليست بحرف جر أنها تخالف حروف الجر، وذلك في أربعة أشياء؛ أحدها: أنها لا تقع إلا في صدر الكلام، وحروف الجر لا تقع في صدر الكلام، وإنما تقع متوسطة؛ لأنها إنما دخلت رابطة بين الأسماء والأفعال. والثاني: أنها لا تعمل إلا في نكرة وحروف الجر تعمل في النكرة والمعرفة. والثالث: أنها لا تعمل إلا في نكرة موصوفة، وحروف الجر تعمل في نكرة موصوفة وغير موصوفة، والرابع: أنه لا يجوز عندكم إظهار الفعل الذي تتعلق به. وكونه على خلاف الحروف في هذه الأشياء دليل على أنه ليس بحرف.

والذي يدل دلالة ظاهرة على أنه ليس بحرف أنه يدخله الحذف فيقال في رب "رب" قال الله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: ٢] قرئ بالتخفيف كما قرئ بالتشديد، وفيها أربع لغات: ُربَّ ورُبَ ورَبَّ ورَبَ -بضم الراء وتشديد الباء وتخفيفها، وفتح الراء وتشديد الباء وتخفيفها- فدل على أنها ليست بحرف.

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أنها حرف أنها لا يحسن فيها علامات الأسماء ولا علامات الأفعال، وأنها قد جاءت لمعنى في غيرها كالحرف، وهو تقليل ما دخلت عليه نحو "رب رجل يفهم" أي ذلك قليل.

وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم: "إنما قلنا إنها اسم حملا


١ انظر في هذه المسألة: أسرار العربية للمؤلف "ص١٠٤ وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "٢/ ٣٠٧" وخزانة الأدب للبغدادي "٤/ ١٨٤ بولاق".

<<  <  ج: ص:  >  >>