ما أقلت قدم ناعلها وهي رواية المؤلف هنا، ويروى: ما أقلت قدماي إنهم وهي رواية ابن منظور، ويروى: ما أقلت قدمي إنهم وعلى الروايتين الأخيرتين يكون مفعول أقلت محذوفًا، والتقدير، ما أقلتني قدماي، أو ما أقلتني قدمي، و "ما" مصدرية ظرفية، وأقلت: معناه حملت أو رفعت، والقدم -بالتحريك- الرجل، والناعل: لابس النعل، وجملة "إنهم نعم الساعون ... إلخ" للتعليل، والساعون: جمع ساع، والأمر المبر: الذي يعجز الناس عن دفعه؛ لأنه يفوق طاقتهم ويزيد على قدر ما يحتملونه، ويروى: نعم الساعون في القوم الشطر والشطر -بضم الشين والطاء جميعًا- جمع شطير، ويراد به هنا الغرباء، وأصل الشطير الناحية، وسُمِّي الغريب به لأن كل من بعد عن أهله يأخذ في ناحية من نواحي الأرض والاستشهاد به في قوله "نعم الساعون" حيث استعمل هذا الفعل على ما هو الأصل فيه بفتح النون وكسر العين، على مثال علم وفهم وضحك، وإنما قالوا فيه "نعم" بسكر النون وسكون العين للتخفيف، وذلك أن حرف الحلق في ذاته ثقيل، والكسرة ثقيل أيضًا، ولهذا يفر العرب في كل كلمة ثلاثية مفتوحة الأول مكسورة الثاني إذا كان الحرف الثاني من حروف الحلق -وهي الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء- إلى تغيير هذه الزنة إلى واحد من ثلاثة أوزان: الأول: أن يسكنوا الحرف المكسور ويبقوا ما عداه على حاله، فيقولون: نعم، وضحك، وفهم، وبأس بفتح أوائل هذه الأفعال وسكون ثانيها، والثاني: أن يسكنوا الحرف المكسور بعد أن ينقلوا كسرته إلى الحرف الأول، فيقولون: نعم، وضحك، وفهم، وبئس -بكسر أوائل هذه الكلمات وسكون ثانيها- والثالث: أن يبقوا الثاني مكسورًا على حاله، ويكسروا الأول اتباعًا لثانيه، فيقولون: نعم، وضحك، وفهم، وبئس بكسر أوائل هذه الكلمات وكسر ثانيها أيضًا، فإن قلت: فقد ذكرت أن الكسرة ثقيلة، وهم إنما خرجوا بهذا النوع من الكلمات عن أوزانها الأصلية إلى أوزان أخرى غير أصلية قصدًا إلى التخفيف، وفرارًا من الثقل الذي جلبه أمران: كون ثاني الكلمة من حروف الحلق المستفلة التي يشبه النطق بها التهوع، وكون هذا الحرف مكسورًا، فكيف يجيئون بكسرة أخرى وهي ثقيلة فيزيدوا الكلمة ثقلًا؟ فالجواب عن هذا أن من أسباب =