للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاثة نفر من عليه الصحابة وكبرائهم بسبب إكثارهم الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأصل هذه الرواية ما رواه الطبراني في الأوسط عن "إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف, قال: بعث عمر بن الخطاب إلى ابن مسعود وأبي مسعود الأنصاري وأبي الدرداء, فقال ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول لله صلى الله عليه وسلم فحبسهم بالمدينة حتى استشهد".

وإليك ما قاله أحد صيارفة الحديث في هذه الرواية، قال الهيثمي: "هذا أثر منقطع وإبراهيم ولد سنة عشرين، ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين وابن مسعود كان بالكوفة ولا يصح هذا عن عمر"١.

نعم لا يصح هذا عن عمر لا نقلا ولا عقلا، أما نقلا فقد تكفل الهيثمي ببيان نفي صحته, وأما عقلا فلأن هؤلاء الثلاثة من أجلاء الصحابة وفضلائهم, فأنى لعاقل تصديق أن عمر حبسهم؟ وما جريرتهم؟ أو الجرم الذي يصلح حيثية لحبسهم؟ متى كان تبليغ السنن ذنبا يعاقب عليه القانون؟ وقانون من؟ قانون العدل الذي لا يضاهى فيه عمر فضلا عن أن يبارى.

إن القارئ لمثل هذه الأخبار لتعتريه الدهشة فيتساءل منكرا: ما حد الإكثار الذي يعد آتيه مقارفًا الأوزار؟ وقد ساق الإمام ابن حزم هذا الخبر المنكر وناقشه مناقشة قوية قال: "هذا مرسل ومشكوك فيه من شعبة فلا يصح، ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو نفسه ظاهر الكذب


١ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج١، ص١٣٩.

<<  <   >  >>