للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم"١.

وممن تشدد في المحافظة على نص الحديث بألفاظه، فمنع زيادة حرف أو حذفه حتى ولو لم يتغير المعنى أنس بن مالك, وكان يقول بعد انتهائه من الرواية: "أو كما قال, أو نحو من ذلك".

وهناك من اشتد حرصه على لفظ سماعه فأبى تبديل حرف مشدد بمخفف, ففي الحديث الذي روته أم كلثوم بنت عقبة٢ رضي الله عنهما قالت: "ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نمى خيرا". قال حماد سمعت هذا الحديث من رجلين, فقال أحدهما: نمى خيرًا خفيفة, وقال الآخر نَمّى خيرًا مثقلة٣.

هكذا التزم كل واحد لفظ سماعه, وهيئة كل حرف فروى أحدهما نمى بتخفيف الميم, ورواه الآخر نَمّى بتشديدها, ونظيره "نضر الله امرأً". بتخفيف الضاد وتثقيلها، وهذا الحديث نفسه هو من شواهد وأدلة الذين كرهوا الرواية بالمعنى حيث جاء فيه: "نضر الله أمرأ سمع مني حديثا, فحفظه


١ الكفاية ص١٧٦.
٢ هي أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط، أسلمت بمكة, وهي من النساء المهاجرات, بل إنها أول امرأة هاجرت، والأصح تقييد هذا بوقوعه بعد صلح الحديبية، تزوجها زيد ثم الزبير، ثم عبد الرحمن بن عوف, ثم عمرو بن العاص, وماتت بعد تزوجه إياها بشهر, وحديثها في الصحيحين, وأشهر من روى عنها حميد بن عبد الرحمن. "الإصابة ج٤ ص٤٩١".
٣ ورواه الخطيب في الكفاية ص١٨٠-١٨١, ورواه ابن عبد البر في ترجمتها. الاستيعاب ج٤، ص٤٨٩ بهامش الإصابة.

<<  <   >  >>