للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووعاه فأداه كما حفظه". وفي رواية: "سمع مقالتي فأداها كما سمعها" , ولا ريب في تضمن مثل هذه الروايات الترغيب في نقل الأخبار بألفاظها، والحث على عدم التغيير فيها.

ومن أقوى ما استدل به على كراهية الرواية بالمعنى حديث البراء بن عازب في الدعاء المستحب عند الإيواء إلى الفراش, وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إذا أويت إلى فراشك, فتوسد يمينك, ثم قل اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك, وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك, لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، وآمنت بكتابك الذي أنزلت, وبنبيك الذي أرسلت" , فقلت كما علمني غير أني قلت: ورسولك. فقال بيده في صدري: "وبنبيك، فمن قالها من ليلته ثم مات مات على الفطرة" ١.

هكذا لم يسمح بتبديل لفظ "نبي" بلفظ "رسول".

وقد أجاب المجوزون للرواية بالمعنى عن هذا بأنه أراد مورد التعبد فهو دعاء، وأجابوا عن الأول: بأن غاية أمره الترغيب في الالتزام باللفظ, ولا مخالفة في ذلك ما استطاع إليه المرء سبيلا، أما إن عجز عن تذكر اللفظ، ولم يكن جاهلا بما يحيل المعنى فلا مانع من ذلك، وشواهد الشرع ناطقة بترجيح رأي المجيزين للرواية بالمعنى، فكلام رب العالمين عن قصص السابقين منقول إلينا لا بلسان أصحاب الوقائع، أو الأحداث, وإنما بلسان


١ عزاه النووي في الأذكار إلى الصحيحين ص١١٣, ورواه بهذا اللفظ الخطيب في الكفاية ص٢٠٣.

<<  <   >  >>